للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِأَن السعال يتم بتحريك أَعْضَاء الصَّدْر وَأما العطاس فَيتم باجتماع تَحْرِيك أَعْضَاء الصَّدْر وَالرَّأْس جَمِيعًا. وَإِمَّا بِمِقْدَار الْخطر فِيهَا فَإِن حَرَكَة الفواق الْيَابِس أعظم خطراً من حَرَكَة السعال وَإِن كَانَ السعال أقوى. وَإِمَّا بِمَا تستعين بِهِ الطبيعة فقد تستعين بِآلَة ذاتية أَصْلِيَّة كَمَا تستعين فِي إِخْرَاج الثفل بعضل الْبَطن وَقد تستعين بِآلَة غَرِيبَة كَمَا تستعين فِي السعال بالهواء وَإِمَّا باخْتلَاف المبادىء لَهَا من الْأَعْضَاء مثل السعال والتهوّع وَإِمَّا باخْتلَاف القوى الفعالة فَإِن الاختلاج مبدؤه طبيعي والسعال نفساني. وَإِمَّا باخْتلَاف الْمَادَّة فَإِن السعال عَن نفث والاختلاج عَن ريح فَهَذِهِ عَلَامَات تدل من ظَاهر الْأَعْضَاء. وَأكْثر دلالتها على أَحْوَال ظَاهِرَة وَقد تدل على الْبَاطِنَة كحمرة الوجنة على ذَات الرئة. وَمن العلامات عَلَامَات يسْتَدلّ بهَا على الْأَمْرَاض الْبَاطِنَة وَيَنْبَغِي أَن يكون الْمُسْتَدلّ على الْأَمْرَاض الْبَاطِنَة قد تقدّم لَهُ الْعلم بالتشريح حَتَّى يحصل مِنْهُ معرفَة جَوْهَر كل عُضْو أَنه هَل هُوَ لحمي أَو غير لحمي وَكَيف خلقته ليعرف مثلا أَنه هَل هَذَا الورم بِهَذَا الشكل فِيهِ أَو فِي غَيره من جِهَة أَنه هَل هُوَ مُنَاسِب لشكله أَو غير مُنَاسِب. ويتعرّف أَنه هَل يجوز أَن يحتبس فِيهِ شَيْء أَو لَا يجوز إِذْ هُوَ مزلق لما يحصل فِيهِ كالصائم وَإِن كَانَ يجوز أَن يحتبس فِيهِ شَيْء أَو يزلق عَنهُ شَيْء فَمَا الشَّيْء الَّذِي يجوز أَن يحتبس فِيهِ أَو يزلق عَنهُ وَحَتَّى يعرف مَوْضِعه فَيَقْضِي بذلك على مَا يحس من وجع أَو ورم هَل هُوَ عَلَيْهِ أَو على بعد مِنْهُ وَحَتَّى يعرف مشاركته حَتَّى يقْضِي على أَن الوجع لَهُ من نَفسه أَو بالمشاركة وَأَن الْمَادَّة انبعثت مِنْهُ نَفسه أَو وَردت عَلَيْهِ من شَرِيكه وَأَن مَا انْفَصل مِنْهُ هُوَ من جوهره أَو هُوَ ممرّ ينفذ فِيهِ الْمُنْفَصِل من غَيره وَحَتَّى يعرف أَن على مَاذَا يحتوي فَيعرف أَنه هَل يجوز أَن يكون مثل المستفرغ مستفرغاً عَنهُ وَأَن يعرف فعل الْعُضْو حَتَّى يستدلّ على مَرضه من حُصُول الآفة فِي فعله هَذَا كُله مِمَّا يُوقف عَلَيْهِ بالتشريح ليعلم أَنه لَا بُد للطبيب المحاول تَدْبِير أمراض الْأَعْضَاء الْبَاطِنَة من التشريح فَإِذا حصل لَهُ علم أَولهَا: من مضار الْأَفْعَال وَقد علمت الْأَفْعَال بكيفيتها وكميتها ودلالتها دلَالَة أولية دائمة. وَالثَّانِي: مِمَّا يستفرغ ودلالتها دائمة وَلَيْسَت بأولية أما دائمة فَلِأَنَّهَا توقع التَّصْدِيق دَائِما وَأما غير أولية فَلِأَنَّهَا تدل بتوسط النضج وَعدم النضج. وَالثَّالِث: من الوجع وَالرَّابِع: من الورم وَالْخَامِس: من الْوَضع وَالسَّادِس: من الْأَعْرَاض الظَّاهِرَة الْمُنَاسبَة. ودلالتها لَيست بأولية وَلَا دائمة ولنفصل القَوْل فِي وَاحِد وَاحِد مها. أما الِاسْتِدْلَال من الْأَفْعَال فَهُوَ أَنه إِذا لم يجر فعل الْعُضْو على المجرى الطبيعي الَّذِي لَهُ دلّ على أَن الْقُوَّة أصابتها آفَة. وَآفَة الْقُوَّة تتبع مَرضا فِي الْعُضْو الَّذِي الْقُوَّة فِيهِ. ومضار الْأَفْعَال على وُجُوه ثَلَاثَة فَإِن الْأَفْعَال إِمَّا أَن تنقص كالبصر تضعف رُؤْيَته فَيرى الشَّيْء أقل اكتناهاً وَمن أقرب مَسَافَة والمعدة تهضم أعْسر وَأَبْطَأ وَأَقل مِقْدَارًا وَإِمَّا أَن يتَغَيَّر كالبصر يرى مَا لَيْسَ

<<  <  ج: ص:  >  >>