للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مجْرى الْبَوْل فَفِي مَوضِع آخر وَهُوَ أقرب إِلَى فَم الرَّحِم مِمَّا يَلِي أعاليها. وَمن النِّسَاء من رَقَبَة رَحمهَا إِلَى الْيَسَار ومنهن من هِيَ مِنْهَا إِلَى الْيَمين. وَقبل افتضاض الْجَارِيَة الْبكر يكون فِي رَقَبَة الرَّحِم أغشية تنتسج من عروق وَمن رباطات رقيقَة جدا ينْبت من كل غُصْن مِنْهَا شَيْء يهتكها الافتضاض ويسيل مَا فِيهَا من الدَّم فَاعْلَم جَمِيع مَا قُلْنَاهُ. فصل فِي تولّد الْجَنِين إِذا اشْتَمَلت الرَّحِم على الْمَنِيّ فَإِن أول الْأَحْوَال أَن تحدث هُنَاكَ زبدية الْمَنِيّ وَهُوَ من فعل الْقُوَّة المصورة. والحقيقة من حَال تِلْكَ الزبدية تَحْرِيك من الْقُوَّة المصورة لما كَانَ فِي الْمَنِيّ من الرّوح النفساني والطبيعي والحيواني إِلَى مَعْدن كل وَاحِد مِنْهَا ليستقرٌ فِيهِ ويتخلّق ذَلِك الْعُضْو مِنْهُ على الْوَجْه الَّذِي أوضحناه وبيناه فِي كتب الْأُصُول وَلذَلِك يُوجد النفخ كُله ينْدَفع إِلَى وسط الرُّطُوبَة إعداداً لمَكَان الْقلب ثمَّ يكون عَن جَانِبه الْأَيْمن وجانبه الْأَعْلَى نفخان كالمتسعين مِنْهُ يماسانه إِلَى حِين ثمَّ يتنحيان عَنهُ ويتميزان وَيصير الأولى علقَة للقلب والأيمن علقَة للكبد ويمتلىء الاخر من دم إِلَى بَيَاض وَينفذ إِلَى ظَاهر الرُّطُوبَة المبثوثة نفذ نفخ ريحي يثقبه لينال مِنْهُ المدد من الرَّحِم من الرّوح وَالدَّم وتتخلق السُّرَّة. وَأول مَا تتخلّق السرّة تتبين إِلَّا أَن نفخات الْقلب والكبد والدماغ تتقدم خلق السُّرَّة لمان كَانَ استمام هَذِه الئلاثة يتَأَخَّر عَن استمام جَوْهَر السُّرَّة. وَهَذَا شَيْء قد حققناه وَبينا الْخلاف فِيهِ فِي كتب الْأُصُول من الْعلم الطبيعى. وكما يسْتَقرّ الْمَنِيّ ويزبد وَينفذ الزّبد إِلَى الْغَوْر نفخاً للقلب يتَوَلَّد الغشاء من حَرَكَة مني الْأُنْثَى إِلَى مني الذّكر وَيكون متبرئاً ثمَّ لَا يتَعَلَّق من الرَّحِم إِلَّا بالنقر لجذب الْغذَاء وانما يغتذي الْجَنِين بِهَذَا الغشاء مَا دَامَ الغشاء رَقِيقا فِيهَا فَكَانَت الْحَاجة إِلَى قَلِيل من الْغذَاء. وَأما إِذا صلب فَيكون الاغتذاء بِمَا توتد فِي مسامه من المنافذ الْوَاضِحَة العرقية ثمَّ يَنْقَسِم بعد مُدَّة أغشية. وَالْحق أَن أول عُضْو يتكون هُوَ الْقلب لمان كَانَ يحْكى عَن أبقراط أَنه قَالَ أول عُضْو يتكون هُوَ الدِّمَاغ والعينان بِسَبَب مَا يُشَاهد عَلَيْهِ حَال فراخ الْبيض لَكِن الْقلب لَا يكون فِي أول مَا يتخفق فِي كل شَيْء ظَاهرا جليُّا. وَقد نبغ فُضُولِيّ من بعد يَقُول أَن الصَّوَاب أَن يكون أول مَا يتخلّق هُوَ الكبد لِأَن أول فعل الْبدن هُوَ التغذّي كَأَن الْأَمر على شَهْوَته واستصو ابه. وَقَوله هَذَا فَاسد من طَرِيق التجربة فَإِن أَصْحَاب الْعِنَايَة بِهَذَا الشَّأْن لم يشاهدوا الْأَمر على مَا يزْعم الْبَتَّةَ. وَمن الْقيَاس وَهُوَ أَنه إِن كَانَ الْأَمر على مَا يزْعم من أَنه يخلق أَولا مَا يحْتَاج إِلَى سبوق فعله أولاَ فَليعلم أَنه لَا يغتذي عُضْو حيواني لَيْسَ فِيهِ تمهيد الْحَيَاة بالحرارة الغريزية وَإِذا كَانَ كَذَلِك كَانَت الْحَاجة إِلَى أَن يخلق الْعُضْو الَّذِي ينبعث مِنْهُ الْحَار الغريزي وَالروح الحيواني قبل أَن يخلق الغاذي وَالْقُوَّة المصوّرة لَا تحْتَاج فِي حَال التَّصْوِير إِلَى تغذية مَا لم يَقع تحلّل محسوس يضر ضَرَرا محسوساً فَيحْتَاج إِلَى بدله وَيحْتَاج إِلَى الرّوح الحيواني والحار الغريزي ليقوم بِهِ فَإِن قَالَ أَنه حَاصِل للمصورة من الْأَب فَكَذَلِك الْقُوَّة الغاذية أَيْضا مصاحبة للمصورة المولدة من جِهَة الْأَب وَكَيف لَا وَتلك أسبق فِي الْوُجُود. هَذَا وَالْحَال الْأُخْرَى

<<  <  ج: ص:  >  >>