الْمَذْكُور وَمَال إِلَى الطبيعة السمّية أحدث نَوْعَيْنِ من الْمَرَض: أَحدهمَا: مرض آلي يلْحق أَولا بالرحم فيتشنج ويتقلّص إِلَى فَوق أَو إِلَى جَانب يمنة ويسرة وقدّاماً وخلفاً بِحَسب إِيجَاب الْمَادَّة المحتبسة فِي الْعُرُوق فَلَا تَجِد منفذاً بل توسع الْعُرُوق وتشنّجها بالتوسيع فيتألم. وَرُبمَا فَشَا فِي جَوْهَر الرَّحِم فغلّظه ثمَّ قلصه أَو لم يفش فِيهِ بل أورمه ثمَّ قلصه. ويزيده شرا أَن يرد عَلَيْهِ طمث آخر فَلَا يجد سَبِيلا فَيُؤَدِّي ضَرَرا إِلَى الْأَعْضَاء الرئيسة فَوق الضَّرَر الأول وَرُبمَا تقدم التقلص بِسَبَب ورم أَو سوء مزاج مجفف فَيعرض انسداد فَم الرَّحِم وفوهات الْعُرُوق ثمَّ يعرض الاحتباس وَكَذَلِكَ الميلان إِلَى جَانب. وَالثَّانِي: مرض مادي بِمَا تبعثه الْمَادَّة المحتبسة إِلَى العضوين الرئيسين من البخار الرَّدِيء السمي فَيحدث شَيْء كالصرع والغشي وَلِأَن هَذِه الْعلَّة أقوى من الغشي الساذج فيتقدمها الغشي تقدم الأضعف للاقوى. والطمثي مِنْهَا أسلم من الْمَنوِي فَإِن الْمَنِيّ - لمان كَانَ تولده عَن الدَّم وخصوصاً فِي النِّسَاء قبل الاستحالة - فَإِنَّهُ أقبل للإستحالة الرَّديئَة من الدَّم كَمَا أَن اللَّبن الْمُتَوَلد عَن الدَّم أقبل للإستحالة من الدَّم. وَقد تكون لهَذِهِ الْعلَّة أدوار وَقد يعرض كثيراَ فِي الخريف وَرُبمَا كَانَت أَيْضا أدوارها متباطئة وَرُبمَا عرضت كل يَوْم وتواترت قليلاٌ قَلِيلا وَإِنَّمَا لَا يعرض مثله عِنْد الْولادَة. وَتلك حَرَكَة عنيفة لِأَن حَرَكَة الرَّحِم حِينَئِذٍ متشابهة من جَمِيع الأقطار وَهِي مدرّجة لَا دفْعَة وَهِي إِلَى أَسْفَل وَهِي فعل من الطبيعة وَلَيْسَ فِيهَا ينبعث بخار سمي إِلَى الْأَعْضَاء الرئيسة. وأصعب اختناق الرَّحِم مَا أبطل النَّفس فِي الظَّاهِر. وَإِن كَانَ لَا بُد من نفس مَا رُبمَا يظْهر فِي مثل الصُّوف المنفوش الْمُعَلق أَمَام التنفس فَيبْطل أَيْضا الْحس وَالْحَرَكَة وَيُشبه الْمَوْت. وَأكْثر ذَلِك بِسَبَب الْمَنِيّ وبسبب الْبَارِد مِنْهُ ويتلوه فِي الصعوبة مَا لَا يبطل النَّفس بل أصغره وأضعفه والدرجة الثَّالِثَة مَا يحدث تشئجاً وتمدداً وغثياناً من غير أَذَى فِي الْعقل والحس لتعلم ذَلِك. العلامات: إِذا قرب دور هَذِه الْعلَّة عرض ربو وعسر نفس وخفقان وصداع وخبث نفس وَضعف رَأْي وبهتة وكسل وَضعف فِي السَّاقَيْن وصفرة لون وتغيره مَعَ قلَّة ثبات على حَالَة. وَرُبمَا حدث من عفونة البخار الحاد عَطش فَإِذا ازْدَادَ فِيهَا حدث سبات أَو اخْتِلَاط واحمر الْوَجْه وَالْعين والشفة وشخصت العينان وَرُبمَا تغمضتا فَلم تنفتحا وَضعف النَّفس جدا ثمَّ انْقَطع فِي. الْأَكْثَر وتتوهّم الْمَرِيضَة كَأَن شَيْئا يرْتَفع من عانتها ويعرض تحريق الْأَسْنَان وقعقعتها وحركات غير إرادية لفساد العضل وَتغَير حَالهَا وَيَنْقَطِع الْكَلَام ويعسر فهم مَا يُقَال ثمَّ يعرض - لَا سِيمَا من الْمَنوِي مِنْهُ - غشي وَانْقِطَاع صَوت وانجذاب من السَّاق إِلَى فَوق وَتظهر على الْبدن نداوة غير عَامَّة بل يسيرَة وَرُبمَا انحل إِلَى قيء بلغمي صرف وصداع ووجع ركبة وَظهر والى قراقر وَإِلَى قذف رُطُوبَة من الرَّحِم وَرُبمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute