الْإِنْسَان جِنْسا جسمانياً خَارِجا عَنْهَا فَإِن تشبّث الحُمَى بالأعضاء الْأَصْلِيَّة التشبث الأول كَمَا يتشبث الْحَرِيق مثلا بحيطان الْحمام أَو بزق الْحداد أَو بِقدر الطباخ فَذَلِك جنس من الحميات يُسمى: حمى دق. وَإِن تشبَّثت الْحمى تشبّثها الأولي بالأخلاط ثمَّ فَشَتْ مِنْهَا فِي الْأَعْضَاء كَمَا يتَّفق أَن يصبّ المَاء الْحَار فِي الحمّامات فتحمى جدرانه بِسَبَبِهِ أَو مرقة حارة فِي الْقدر فتحمى الْقدر بِسَبَبِهَا فَذَلِك جنس من الحمّيات تسمى: حمى خلط وَإِن تشبّثت الحمّى تشبثها الأولي بالأرواح والأبخرة ثمَّ فَشَتْ مِنْهَا فِي الْأَعْضَاء والأخلاط كَمَا يتَّفق أَن يصير إِلَى الْحمام هَوَاء حَار ويوقد فِيهِ فيسخن هواؤه ثمَّ فَشَتْ مِنْهَا فِي الْأَعْضَاء والأخلاط كَمَا يتَّفق أَن يصير إِلَى الْحمام هَوَاء حَار ويوقد فِيهِ فيسخن هواؤه فيتأدى إِلَى المَاء وَإِلَى الْحِيطَان فَذَلِك جنس من الحميات تسمى: حمى يَوْم لِأَنَّهَا متشبّثة بِشَيْء لطيف يتَحَلَّل بِسُرْعَة وقلّما تجاوزت يَوْمًا بليلته إِن لم تستحل إِلَى جنس آخر من الحميات فَهَذِهِ قسْمَة للحمّيات بِالْوَجْهِ الْقَرِيب من الْقِسْمَة الْوَاقِعَة بالفصول. وَقد تقسم الحميات من جِهَات أُخْرَى فَيُقَال: إِن من الحميات حمّيات حادة وَمِنْهَا غير حادة وَمِنْهَا مزمنة وَمِنْهَا غير مزمنة وَمِنْهَا ليليّة وَمِنْهَا نهارية وَمِنْهَا سليمَة مُسْتَقِيمَة وَمِنْهَا ذَات أَعْرَاض مُنكرَة وَمِنْهَا مفترة وَمِنْهَا لَازِمَة. وَمن اللَّازِمَة مَا لَهَا إشتدادات وسورات وَمِنْهَا مَا هِيَ متشابهة وَمِنْهَا حارة وَمِنْهَا بَارِدَة ذَات نافض أَو قُشَعريرة وَمِنْهَا بسيطة وَمِنْهَا مركّبة. فصل فِي المستعدّين للحميات قَالُوا: إِن أشدَ الْأَبدَان اسْتِعْدَادًا للحميّات هِيَ: الْأَبدَان الحارة الرّطبَة وخصوصاً إِذا كَانَت الرُّطُوبَة أقوى من الْحَرَارَة وَهَؤُلَاء يكونُونَ منتني الْعرق وَالْبَوْل وَالْبرَاز والأبدان الحارة الْيَابِسَة أَيْضا مستعدة للحمّيات الحادة تبتدئ يوميّة ثمَّ تسرع إِلَى العفن والاحتراق وَرُبمَا أوقعت فِي الدق. ويتلوهما الَّتِي يتساوى فِيهَا الرُّطُوبَة واليبوسة وتستولي الْحَرَارَة وَهَذَانِ من جنس مَا يَبْتَدِئ فِيهِ حمى البخار الْحَار ثمَّ تنْتَقل إِلَى حُمى الْخَلْط ثمَّ الَّتِي يتساوى فِيهَا الحرّ وَالْبرد وتكثر الرُّطُوبَة وَهَذِه إِنَّمَا تعرض لَهَا حميات العفونة فِي أَكثر الْأَمر ابْتِدَاء والأبدان الْبَارِدَة الرّطبَة والأبدان الْيَابِسَة أبعد الْأَبدَان من الحميات وخصوصاً اليومية. فصل فِي أَوْقَات الحميات إنَ للحمّيات أوقاتاً كَمَا لسَائِر الْأَمْرَاض من ابْتِدَاء وصعود ووقوف عِنْد الْمُنْتَهى وانحطاط وَقد تكون هَذِه الْأَوْقَات كلّية وَقد تكون جزئية بِحَسب نوبَة نوبَة والمخاطرة من الِابْتِدَاء إِلَى الِانْتِهَاء. وَأما عِنْد الانحطاط فَلَا يهْلك عليل من نفس الحمّى إِلَّا لما نذكرهُ من السَّبَب والابتداء هُوَ وَقت اختناق الْحَرَارَة الغريزية عَن
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute