يكون عقيب الأورام فَرُبمَا كَانَ دَالا على انفجار عَن نضج وَرُبمَا لم يكن. فمان كَانَ عَن نضج سكن الْحمى مَعَ الانفجار واستفراغ الْقَيْح وَسكن الثّقل وخف. وَإِن لم يكن كَذَلِك اشْتَدَّ الوجع وَزَاد. وَقد يسْتَدلّ على تفرق الِاتِّصَال بانخلاع الْأَعْضَاء عَن موَاضعهَا وبزوال الْعُضْو عَن مَوْضِعه وَإِن لم ينخلع كالفتق. وَقد يسْتَدلّ عَلَيْهِ باحتباس المستفرغات عَن المجاري فَإِنَّهَا رُبمَا انصبت إِلَى فضاء يُؤَدِّي إِلَيْهِ تفرق الِاتِّصَال وَلم ينْفَصل عَن المسلك الطبيعي كَمَا يعرض لمن انخرق أمعاؤه أَن يحتبس برازه وَرُبمَا خَفِي تفرق الِاتِّصَال وَلم يُوقف عَلَيْهِ بالعلامات الْكُلية الْمَذْكُورَة واحتيج فِي بَيَانه إِلَى الْأَقْوَال الْجُزْئِيَّة بِحَسب عُضْو عُضْو وَذَلِكَ بِأَن يكون الْعُضْو لَا حس لَهُ أَو لَا يحتوي على رُطُوبَة فيسيل مَا فِيهِ أَو لَا مجَال لَهُ فيزول عَن مَوْضِعه أَو لَيْسَ يعْتَمد على عُضْو فيزول بانخلاعه. وَاعْلَم أَن أصعب الأورام أعراضاَ وأصعب تفرق الِاتِّصَال أعراضاً مَا كَانَ فِي الْأَعْضَاء العصبية الشَّدِيدَة الْحس فَإِنَّهَا رُبمَا كَانَت مهلكة وَأما الغشي والتشنج فيلحقها دَائِما. أما الغشي فلشدة الوجع. وَأما التشنّج فلعصبية الْعُضْو ثمَّ اللَّاتِي تكون على المفاصل فَإِنَّهَا يبطؤ قبُولهَا للعلاج لِكَثْرَة حَرَكَة الْمفصل وللفضاء الَّذِي يكون عِنْد الْمفصل المستعد لانصباب الْموَاد إِلَه وَلِأَن النبض وَالْبَوْل من العلامات الْكُلية لأحوال الْبدن الْجُمْلَة الأولى النبض وَهِي تِسْعَة عشر فصلا الْفَصْل الأول كَلَام كلي فِي النبض فَنَقُول: النبض حَرَكَة من أوعية الرّوح مؤلفة من انبساط وانقباض لتبريد الرّوح بالنسيم. وَالنَّظَر فِي النبض إِمَّا كليّ وَإِمَّا جزئي بِحَسب مرض مرض. وَنحن نتكلم هَهُنَا فِي القوانين الْكُلية من علم النبض ونؤخر الْجُزْئِيَّة إِلَى الْكَلَام فِي الْأَمْرَاض الْجُزْئِيَّة فَنَقُول: إِن كل نبضة فَهِيَ مركبة من حركتين وسكونين لِأَن كل نبض مركّب من انبساط وانقباض ثمَّ لَا بُد من تخَلّل السّكُون بَين كل حركتين متضادتين لِاسْتِحَالَة اتِّصَال الْحَرَكَة بحركة أُخْرَى بعد أَن يحصل لمسافتها نِهَايَة وطرف بِالْفِعْلِ وَهَذَا مِمَّا يبين فِي الْعلم الطبيعي وَإِذا كَانَ كَذَلِك لم يكن بُد من أَن يكون لكل نبضة إِلَى أَن تلْحق الْأُخْرَى أَجزَاء أَرْبَعَة: حركتان وسكونان حَرَكَة انبساط وَسُكُون بَينه وَبَين الانقباض وحركة انقباض وَسُكُون بَينه وَبَين الانبساط. وحركة الإنقباض عِنْد كثير من الْأَطِبَّاء غير محسوسة أصلا وَعند بَعضهم أَن الإنقباض قد يحسّ إِمَّا فِي النبض الْقوي فلقوته وَأما فِي الْعَظِيم فلإشرافه وَأما فِي الصلب فلشدة مقاومته وَأما فِي الْبَطن فلطول مُدَّة حركته. وَقَالَ جالينوس: إِنِّي لم أزل أغفل عَن الإنقباض مُدَّة ثمَّ لم أزل أتعاهد الجسّ حَتَّى فطنت لشَيْء مِنْهُ ثمَّ بعد حِين أحكمت ثمَّ انْفَتح عَليّ أَبْوَاب من النبض وَمن تعهد ذَلِك تعهدي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute