للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَالْبدن المستعد للجدري هُوَ الْحَار الرطب والكدر الرُّطُوبَة خَاصَّة والقليل إِخْرَاج الدَّم بالفصد وَمن الأغذية أغذية توقع فِي الجدرى ِ سَرِيعا وخصوصاً إِذا لم تكن مُعْتَادَة وَاسْتعْمل عَلَيْهَا أدوية وأغذية مسخنة مثل الألبان وخصوصاً ألبان اللقَاح والرماك إِذا أسْتَكْثر مِنْهَا من لم يعتدها ثمَّ شرب شرابًا كثيرا أَو أدوية حارة وَكَانَ الجدري ضرب من البحران. وَأكْثر مَا يعرض الجدري يعرض للصبيان ثمَّ للشبان وتقل عروضه للمشايخ إِلَّا لأسباب قَوِيَّة وَفِي بلدان شَدِيدَة الحرّ والرطوبة وعروضه فِي الْأَبدَان الرّطبَة أَكثر من عروضه فِي الْأَبدَان الْيَابِسَة وعروضه فِي الرّبيع أَكثر من عروضه فِي الشتَاء وَبعد الرّبيع فِي آخر الخريف وخصوصاً إِذا تقدّمه صيف حَار يَابِس وَكَانَ ذَلِك الخريف حاراً يَابسا أَيْضا والجدري لبس إِنَّمَا يعرض فِي الْجلد وَحده وَفِيمَا يَلِي الظَّاهِر بل يعرض فِي جَمِيع الْأَعْضَاء المتشابهة الْأَجْزَاء الظَّاهِرَة والباطنة حَتَّى الْحجب والأعصاب. وَإِذا ظهر الجدري أورث حكة ثمَّ تظهر أَشْيَاء كرؤوس الإبر جاورسية ثمَّ تخرج وتمتلىء مُدَّة ثمَّ تتقرح ثمَّ تصير خشكريشة مُخْتَلفَة الألوان ثمَّ تسْقط. وَرُبمَا انْتقل الجدري إِلَى فلغموني وماشرا وَإِلَى دبيلة تجمع الْمدَّة وَأكْثر مَا يطهر يظْهر وَله لون الفلغموني وَلكنه رُبمَا خرج على ألوان مُخْتَلفَة رمادية وبنفسجية وسود فَإِن الجدري لَهُ أَصْنَاف وألوان فَمِنْهُ أَبيض وَمِنْه أصفر وَمِنْه أَحْمَر وَمِنْه أَخْضَر وَمِنْه بنفسجي وَمِنْه إِلَى السوَاد والأخضر والبنفسجي رديان وكل مَا ازْدَادَ ميلًا إِلَى السوَاد فَهُوَ أردأ وكل مَا مَال عَنهُ فَهُوَ أميل عَن الشَّرّ والأبيض أجوده وخصوصاً إِذا كَانَ قَلِيل الْعدَد كثير الحجم سهل الْخُرُوج قَلِيل الكرب ضَعِيف الْحمى ترى الْحمى تَنْقَضِي مَعَ ظُهُوره وَخُرُوجه وَيكون أول بروزه فِي الثَّالِث وَمَا يقرب مِنْهُ وَبعد هَذَا الْبيض الْكِبَار الْكَثِيرَة الْعمد المتقاربة من غير اتِّصَال فَإِن اللواتي يتَّصل بَعْضهَا بِبَعْض حَتَّى تحيط برقعة كَبِيرَة من اللَّحْم ذَات أضلاع أَو مستديرة فَهِيَ رَدِيئَة وَكَذَلِكَ المضاعفة الْكِبَار الَّتِي تكون فِي جَوف الْوَاحِدَة مِنْهَا جدرية أخر ى. وَأما الْبيض الصغار الصلبة المتقاربة الْعسرَة الْخُرُوج فَإِنَّهَا وَإِن أوهمت فِي ابْتِدَاء الْأَمر سَلامَة فقد يخْشَى عَلَيْهَا أَن يعسر نضجها ويسوء مَعهَا حَال العليل وتتأدّى بِهِ إِلَى الْهَلَاك لِأَن السَّبَب وَمن أَصْنَاف الرَّدِيء الْمخوف الَّذِي يهْلك كثيرا مَا يخْتَلف حَاله فَتَارَة يظْهر وَتارَة يبطن وخصوصاً إِذا ظهر بنفسجياً وَكَذَلِكَ اللجوج الَّذِي لَا يَنْفَكّ الإقبال مِنْهُ عَن ضعف قُوَّة عَن اخضرار عُضْو واسوداده يهْلك فَإِن كَانَ الاخضرار والاسوداد الَّذِي يعقبه بعد

<<  <  ج: ص:  >  >>