للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

اللحوم الرخوة وَأما الحميات الَّتِي تتبع الأورام الْبَاطِنَة فَإِنَّهَا لَا تكَاد تكون من وُصُول السخونة إِلَى الْقلب دون العفونة. وَشر مَا تكون الحميات عَن الأورام الْبَاطِنَة إِذا كَانَت من جنس الْحمرَة فِي بعض الأحشاء فيشتد الوجع والعطش والالتهاب وَيدل عَلَيْهِ دَلَائِل مُخَالطَة الْمرة الْكَثِيرَة للدم وَهَذِه الأورام الْبَاطِنَة مثل أورام الدِّمَاغ وحجبه والصماخ وَفِي الْحلق أَحْيَانًا وَفِي الْحجاب الَّذِي يَلِي الصَّدْر والكبد والكلية والمثانة وَالرحم والأمعاء وَمَا يشبه ذَلِك وَقد تخْتَلف حمياتها فِي الشدَّة والضعف بِحَسب الْقرب من الْقلب والبعد وَمَا كَانَ مِنْهَا أَيْضا فِي الْأَعْضَاء اللحمية فَإِن حماه تكون أَشد. وَمَا كَانَ فِي الغشائية وَنَحْوهَا كَانَت الْحمى أَضْعَف وَمَا كَانَ فِي جوَار الشرايين فَإِن حماه أَشد وَمَا كَانَ فِي جوَار الأوردة وَحدهَا فَإِن حمّاه أَضْعَف وَلَا تَخْلُو هَذِه الحمّيات من أدوار بِحَسب الْموَاد الَّتِي تنصت إِلَى أورامها بأدوارها بِحَسب تولدها وبحسب حركتها وبحسب جذب الْحَرَارَة والألم إِيَّاهَا فَيكون لكل خلط دور يَلِيق بِهِ وَاعْلَم أَن كثيرا مَا يبرأ الورم فِي ذَات الْجنب وَغَيره وَتبقى الْحمى فَيدل على أَن النَّقَاء لم يَقع وَهَذِه الحمّيات إِذا طَالَتْ أدَّت إِلَى الدق وخصوصاً إِذا كَانَت الأورام فِي الكبد وَأما الحجابية فَإِنَّهَا إِذا استحكمت لم تمهل إِلَى الدَق. فصل فِي علاماتها وأحكامها الحمّيمات الورمية الْبَاطِنَة تُوجد مَعهَا ثَلَاثَة أَصْنَاف من العلامات والأعراض: عَلَامَات وأعراض تدلّ على الْعُضْو العليل وعلامات وأعراض تدلّ على الْمَادَّة وعلامات وأعراض تدلّ على حَال العليل. فَأَما الصِّنْف الأول من العلامات فَمثل النبض المنشاري والوجع الناخس للورم فِي نواحي الصَّدْر. وَكَذَلِكَ السعال الْيَابِس أَولا وَالرّطب ثَانِيًا وَمَا يشبه ذَلِك من أَعْرَاض ذَات الْجنب الدَّالَّة على ورم فِي نواحي الصَّدْر وَبِالْجُمْلَةِ فَإِن الوجع أَو الثّقل يكون فِي الْعُضْو وَيكون أسخن من سَائِر الْأَعْضَاء زِيَادَة سخونة غير مُعْتَادَة وَمثل التشنّج فَإِنَّهُ كثيرا مَا يصحب الأورام الحارة فِي الْأَعْضَاء العصبية. وَأما الصِّنْف الثَّانِي فَمثل دلَالَة اشتداد الحمّى غبا على أَن الْعلَّة صفراوية وَأما أَعْرَاض العليل فَهِيَ الْأَعْرَاض الَّتِي تبشر بسلامته أَو تنذر بعطبه وَقد تخْتَلف الأورام الْبَاطِنَة فِي إِيجَاب الْحمى وقوّتها ودوامها وإفتارها بِحَسب عظمها فِي أَنْفسهَا وَعظم عروقها وبحسب أعضائها. فَإِن من الْأَعْضَاء الْبَاطِنَة مَا هُوَ قريب من الْقلب أَو شَدِيد الْمُشَاركَة لَهُ وَمِنْهَا مَا هُوَ بعيد مِنْهُ قَلِيل الْمُشَاركَة لَهُ مثل الْكُلية فَإِنَّهَا لَيست توجب دَائِما بِسَبَب أورامها حمّيات قَوِيَّة ولازمة بل كثيرا مَا تكون مفترة وَتَكون من جنس الحمّيات المختلطة وحميات الغب وَالرّبع وَالْخمس وَالسُّدُس.

<<  <  ج: ص:  >  >>