للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَغْتَة أَن تبتدىء حماهم ابْتِدَاء ظَاهرا وَقد كَانَ الْإِنْسَان قبل ذَلِك لَا قلبة بِهِ فَنَامَ أَو دخل الحمّام أَو تَعب فحمّ بَغْتَة. وَأما الحميات الَّتِي يتقدمها تكسير وصداع وَنَحْو ذَلِك ثمَّ تعرض فَإِن الْأَمريْنِ مُخْتَلِفَانِ فِيهِ وَالْأولَى أَن يعْتَبر وَقت ابْتِدَاء الحمّى نَفسهَا وهنالك يكون قد ظهر الْخُرُوج عَن الْحَالة الطبيعية فِي المزاج ظهوراً بَينا. وَأما ابْتِدَاء الصداع والتكسير فَلَا اعْتِبَار لَهُ والاطراح وَالنَّوْم لَيْسَ مِمَّا يعْتَمد عَلَيْهِ فَرُبمَا لم يطْرَح العليل نَفسه وَقد أخذت الْحمى وَإِذا ولدت الْمَرْأَة ثمَّ عرض لَهَا حمّى فلنحسب من الْحمى لَا من فصل فِي سَبَب أَيَّام البحران وأدواره إِن أَكثر النَّاس يَجْعَل السَّبَب فِي تَقْدِير أزمنة بحرانات الْأَمْرَاض الحادة من جِهَة الْقَمَر وَإِن قوته قُوَّة سَارِيَة فِي رطوبات الْعَالم توجب فِيهَا أصنافاً من التَّغَيُّر وَتعين على النضج والهضم أَو على الْخلاف بِحَسب استعداد الْمَادَّة. ويستدلون فِي ذَلِك بِحَال الْمَدّ والجزر وَزِيَادَة الأدمغة مَعَ زِيَادَة النُّور فِي الْقَمَر وَسُرْعَة نضج الثمرات الشجرية والبقلية مَعَ استبداره. وَيَقُولُونَ أَن رطوبات الْبدن منفعلة عَن الْقَمَر فتختلف أحوالها بِحَسب اخْتِلَاف أَحْوَال الْقَمَر ويشتد ظُهُور الِاخْتِلَاف مَعَ اشتداد ظُهُور الِاخْتِلَاف فِي حَال الْقَمَر وَأَشد ذَلِك إِذا صَار على مُقَابلَة حَال كَانَ فِيهَا ثمَّ على تربيع وَهَذَا يَنْقَسِم لمحوره إِلَى النّصْف ثمَّ إِلَى نصف النّصْف. قَالُوا: وَلما كَانَ لمحور الْقَمَر فِي تِسْعَة وَعشْرين يَوْمًا وَثلث تَقْرِيبًا تنقص مِنْهُ أَيَّام الِاجْتِمَاع إِذْ الْقَمَر لَا فعل لَهُ فِيهِ وَهِي بالتقريب يَوْمَانِ وَنصف وَثلث تبقى سِتَّة وَعِشْرُونَ يَوْمًا وَنصف يكون نصفه ثَلَاثَة عشر يَوْمًا وربعاً وربعه سِتَّة أَيَّام وَنصف وَثمن وثمنه ثَلَاثَة أَيَّام وَربع وَنصف ثمن وَهُوَ أَصْغَر دوره وَرُبمَا خرجوه على وَجه اَخر فيخالف هَذَا الْحساب بِقَلِيل وَيزِيد فِيهِ قَلِيلا وَلَكِن فِيهِ تعسف. فَتكون إِذن هَذِه المدد مدَدا توجب أَن تظهر فِيهَا اختلافات عَظِيمَة وَهِي أَيَّام الأدوار الصُّغْرَى. وَإِذا ابتدأت الْمدَّة فَكَانَت الْمَادَّة صَالِحَة ظهر عِنْد انتهائها تغير ظَاهر إِلَى الصّلاح وَإِن ابتدأت الْمدَّة وَكَانَت الْمَادَّة وَالْأَحْوَال فَاسِدَة كَانَ التَّغَيُّر الظَّاهِر عِنْد انختام الْمدَّة إِلَى الْفساد وَأما بحرانات الْأَمْرَاض الَّتِي هِيَ فِي الْأَزْمَان وَفَوق شهر فيعدونها من الشَّمْس ثمَّ فِي هَذَا التَّقْدِير والتجزئة شكوك وفيهَا مَوَاضِع بحث لَكِن الِاشْتِغَال بذلك على الطبيعي وَلَا يجدي على الطَّبِيب شَيْئا إِنَّمَا على الطَّبِيب أَن يعرف مَا يخرج بالتجربة الْكَثِيرَة وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَن يعرف علته إِذا كَانَ بَيَان تِلْكَ الْعلَّة يخرج بِهِ إِلَى صناعَة أُخْرَى بل يجب أَن يكون القَوْل بأيام البحران قولا بقوله على سَبِيل التجربة أَو على سَبِيل الأوضاع والمصادرات. وَاعْلَم أَن أَكْثَرهم يُسمى بالدور مَا لَا يخرج بِهِ التَّضْعِيف عَن جنسه وَمَعْنَاهُ أَن لَا يخرج بِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>