الْخَنَازِير مَا يَصْحَبهُ وجع وَهُوَ الَّذِي يخالطه ورم حَار أَو مَادَّة حاكة وَمِنْهَا مَا لَا يَصْحَبهُ وجع وَهُوَ أعْسر علاجاً وَرُبمَا احْتِيجَ فِي علاجها إِلَى بط أَو إِلَى تعفين. وَأَشد النَّاس اسْتِعْدَادًا للخنازير فِي نَاحيَة الرَّقَبَة وَالرَّأْس قصار الرقبات من مرطوبي الأمزجة وَأكْثر الْمَوَاضِع تولداً فِيهَا الْخَنَازِير الرَّقَبَة وَتَحْت الْإِبِط وَيُشبه أَن تكون إِنَّمَا سمّيت خنازير لِكَثْرَة عروضها للخنازير بِسَبَب شرهها أَو بِسَبَب أَن شكل رِقَاب أَهلهَا تشبه رِقَاب الْخِنْزِير. وَأسلم الْخَنَازِير مَا تعرض للصبيان وأعسرها مَا تعرض للشبان. العلاج: الأَصْل الْمعول عَلَيْهِ فِي علاج أَصْحَاب الْخَنَازِير الاستفراغ وتلطيف التَّدْبِير وَمن الاستفراغ الْفَاضِل الْقَيْء وَلَا بُد من الإسهال للبلغم الغليظ وخصوصاً بالحب الْمَعْرُوف بالواصل وَأَيْضًا يُؤْخَذ من التربد والزنجبيل وَالسكر أَجزَاء سَوَاء وَيشْرب إِلَى دِرْهَمَيْنِ وَهُوَ مَعَ إِطْلَاقه للبلغم الغليظ غير مسخّن وَلَا مسحج والفصد أَيْضا نَافِع وَيجب أَن يكون لَا محَالة من القيفال. وَأما تلطيف التَّدْبِير فَأن تجتنب الأغذية الغليظة وَشرب المَاء عَلَيْهَا والتخمة والامتلاء ويتجوعّ مَا أمكن ويهجر كل مَا يمْلَأ الرَّأْس مَادَّة وَيجب أَن يصون المتهيىء لَهَا الرَّأْس عَمَّا تميل إِلَيْهِ الْموَاد من النصبات المالئة مثل السُّجُود وَالرُّكُوع الطويلين والوسادة اللاطئة. وَعَن الْأَفْعَال الَّتِي تجذب الْموَاد إِلَى الرَّأْس مثل الْكَلَام الْكثير والصداع والضجر. والحجامة غير مُوَافقَة لأَصْحَاب الْخَنَازِير فِي أَكثر الْأَمر وَذَلِكَ أَنَّهَا لَا يُمكنهَا أَن تستفرغ من الْمَادَّة الَّتِي للخنازير وَمَا يجْرِي مجْراهَا بل تجذب إِلَيْهَا وتغلظها بِمَا تخرج من الدَّم الرَّقِيق وَكَثِيرًا مَا تعيد الْخَنَازِير الآخذة فِي الذبول والتحلل إِلَى حَالهَا الأولى. وَجُمْلَة تَدْبِير الْخَنَازِير تشاكل تَدْبِير سقيروس من جِهَة نفس الْعلَّة. والخنازير إِذا كَانَت عَظِيمَة فَإِن الجراحيين يتجنبون علاجها بالحديد وبالدواء الحاد وَذَلِكَ أَنه يُؤَدِّي إِلَى تقرحها وفسادها فَلَا بُد من الاستفراغ فِي أَمْثَالهَا. والتنقية وتلطيف التَّدْبِير فِي الْغذَاء وَاسْتِعْمَال الْأَدْوِيَة المحلّلة عَلَيْهَا بالرفق. وَقد وجدنَا لدرهم الرُّسُل الْمَنْسُوب إِلَى السليخيين فِي الْخَنَازِير الفادحة المتقرحة أثرا عَظِيما وَلَكِن بالرفق والمداراة. وَمن المراهم المستحبة للخنازير مرهم الدياخيلون وَقد يخلط بِهَذَا المرهم أدوية أُخْرَى تَجْعَلهُ أعمل مثل أصل السوسن خَاصَّة بخاصية فِيهِ وَمثل بعر الْغنم والماعز وَمثل الْحَرْف وأصل قثاء الْحمار وزبيب الْجَبَل والتين الَّذِي قد سقط قبل النضج ويبس أَو دَقِيق الباقلاء واللوز المرّ والمقل يجمع إِلَيْهِ وَيسْتَعْمل. وَمن المراهم الجيدة مرهم بِهَذِهِ الصّفة يُؤْخَذ من دَقِيق الشّعير والباقلاء وشحم الأوز جُزْء جُزْء من أصل الحنظل والشب الْيَمَانِيّ وأصل السوسن والزفت الرطب من كل وَاحِد نصف جُزْء يجمع ذَلِك بالزيت الْعَتِيق بالسحق الْمَعْلُوم بعد إذابة الشَّحْم والزفت فِي الزَّيْت. ومرهم
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute