وَقيل لِأَنَّهَا تجهم وَجه صَاحبهَا وتجعله فِي سحنة الْأسد وَقيل لِأَنَّهَا تفترس من تَأْخُذهُ افتراس الْأسد والضعيف من هَذِه الْعلَّة عسر العلاج وَالْقَوِي مَا يُؤمن من علاجه والمبتدىء أقبل والراسخ أعصى والكائن من سَوْدَاء الصَّفْرَاء أهيج وَأكْثر أَذَى وأصعب أعراضاً وَأَشد إحراقاً وتقريحاً لكنه أقبل للعلاج. والكائن عَن ثقل الدَّم أسلم وأسكن وَلَا يقرّح والكائن عَن السَّوْدَاء الْمُحْتَرِقَة يشبه الصفراوي فِي أعراضه لكنه أَبْطَأَ قبولاً للعلاج وَهَذَا الْمَرَض لَا يزَال يفْسد مزاج الْأَعْضَاء بمضادة الْكَيْفِيَّة للكيفية الْمُوَافقَة للحياة أَعنِي الْحَرَارَة والرطوبة حَتَّى يبلغ إِلَى الْأَعْضَاء الرئيسة وَهُنَاكَ يقتل ويبتدىء أَولا من الْأَطْرَاف والأعضاء اللينة وَهُنَاكَ ينتشر الشّعْر عَنْهَا ويتغير لَوْنهَا وَرُبمَا تأدت إِلَى تقرّح ثمَّ يدبّ يسير يَسِيرا فِي الْبدن كُله فَإِنَّهُ وَإِن كَانَ أول تولده فِي الأحشاء فَإِن أول تَأْثِيره فِي الْأَطْرَاف لِأَنَّهَا أَضْعَف. على أَنه رُبمَا مَاتَ صَاحبه قبل أَن تنعكس غائلته الظَّاهِرَة على الأحشاء والأعضاء الرئيسة وَيكون صَوته ذَلِك بالجذام وبسوء مزاجه. وَلما كَانَ السرطان وَهُوَ جذام عُضْو وَاحِد مِمَّا لَا برْء بِهِ فَمَا تَقول فِي الجذام الَّذِي هُوَ سرطان الْبدن إِلَّا أَن فِي الجذام شَيْئا وَاحِدًا وَهُوَ أَن الْمَرَض فَاش فِي الْبدن كُله فَإِذا اسْتعْملت العلاجات القوية اشتغلت بِالْمرضِ وَلم تحمل على الْأَعْضَاء الساذجة وَلَيْسَ كَذَلِك فِي السرطان. فصل فِي العلامات إِذا ابْتَدَأَ الجذام ابْتَدَأَ اللَّوْن يحمر حمرَة إِلَى سَواد وَتظهر فيَ الْعين كمودة إِلَى حمرَة وَيظْهر فِي النَّفس ضيق وَفِي الصَّوْت بحة بِسَبَب تأذي الرئة وقصبتها وَيكثر العطاس وَتظهر فِي الْأنف غنة وَرُبمَا صَارَت سدة وخشماً وَيَأْخُذ الشّعْر فِي الرقة وَفِي الْقلَّة وَيظْهر الْعرق فِي الصُّدُور ونواحي الْوَجْه وَتَكون رَائِحَة الْبدن وخصوصاً الْعرق ورائحة النَّفس إِلَى النتن وَتظهر أَخْلَاق سوداوية من تيه وحقد وتكثر فِي النّوم أَحْلَام سوداوية كَثِيرَة ويحس فِي النّوم كَأَن على بدنه ثقلاً عَظِيما ثمَّ يظْهر الانتثار فِي الشّعْر والتمرّط فِيهِ خُصُوصا فِيمَا كَانَ من الشّعْر على الْوَجْه ونواحيه وَرُبمَا انقلع مَوضِع الشّعْر وتتشقّق الْأَظْفَار وَتَأْخُذ الصُّورَة تسمج وَالْوَجْه يجهم واللون يسود وَيَأْخُذ الدَّم يجمد فِي المفاصل ويعفن ويزداد ضيق النَّفس حَتَّى يصير إِلَى عسر شَدِيد وبهر عَظِيم وَيصير الصَّوْت غَايَة فِي البحّة وتغلظ الشفتان ويسود اللَّوْن وَتظهر على الْبدن زَوَائِد غددية شَبيهَة بِالْحَيَوَانِ الَّذِي يُسمى باليونانية ساطورس
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute