فصل فِي الْأَدْوِيَة المدملة والخاتمة للجراحات وَغَيرهَا هَذِه الْأَدْوِيَة قد عرفت طبائعها وَتعلم أَيْضا أَن الذرور مِنْهَا يجب أَن لَا يكون فِي قُوَّة مَا يَقع فِي المراهم والآن يجب أَن تعلم أَن هَذِه الْأَدْوِيَة لَا يجب أَن تسْتَعْمل وَقد اسْتَوَى سطح اللَّحْم الصلب مَعَ الْجلد غَايَة الاسْتوَاء. وَأما اللَّحْم الرطب فقد يَسْتَوِي وَيزِيد لكنه يكون بِحَيْثُ إِذا جف نزل بل إِنَّمَا يجب أَن تستعملها فِي الَّذِي يكون إِذا جفّ اسْتَوَى وَهَذَا شَيْء يعرف بالحدس فَيجب أَن تسْتَعْمل الدَّوَاء المدمل قبل أَن يبلغ ثبات اللَّحْم فِي الْجراح الَّتِي ينْبت فِيهَا اللَّحْم هَذَا الْمبلغ فَإِن المدمل أَيْضا قد يزِيد فِي حجم اللَّحْم إِلَى أَن يندمل وتزيد مَعَه الْقُوَّة الطبيعية فَيَزْدَاد على هَذَا الْمبلغ بل يجب أَن يكون بِحَيْثُ إِذا جفف وَفعل فعله يكون قد أنبتت الطبيعة الْمِقْدَار الْمُحْتَاج إِلَيْهِ مَعَ بُلُوغ المدمل غَايَته فِي الإدمال حَتَّى يكون توافى الْفِعْلَيْنِ محصلاً من اللَّحْم وَالْجَلد المدركين قدر مَا يَسْتَوِي بِهِ السَّطْح الْمَجْرُوح فَإِن لم يراع هَذَا أوشك أَن يصير أثر القرحة أَعلَى من الْجلد يجب أَن تسْتَعْمل الْخَاتم فِي أول مَا تستعمله رطبا ثمَّ تستعمله يَابسا عِنْدَمَا يُقَارب الْخَتْم تمره عَلَيْهِ بِطرف الْميل وَهَذِه الأدويه هِيَ مثل: لحاء شجر الصنوبر بقيروطي من دهن ورد أَو آس والراتيانج الْيَابِس والقيسور المشوي وقشور النّحاس ودقاق الكندر والمرداسنج والقنطوريون الصَّغِير وَالْعُرُوق جَيِّدَة وَالْعِظَام المحرقة أَيْضا والزراوند المحرق شَدِيد الإعمال والشب أَيْضا والعفص الْفَج وورق التِّين. وَقد كنى عَنهُ بقراط بِرَجُل العقعق كَمَا قَالُوا وَيُشبه أَن يكون عَنى بِهِ الحشيشة الْمَعْرُوفَة بِرَجُل الْغُرَاب وجفر الْكَلْب الْآكِل للعظام وبعر الضَّب إِلَّا أَنه أجلى من الأول فَيحْتَاج أَن يكسر بالقوابض وأصل السوسن الإسمانجوني ولحاء أصل الجاوشير والتوتيا وَمن المنبتات العجيبة فِي القروح الحارة المزاج المتوزمة الصندل والنيلوفر وَالصَّبْر وخصوصاً فِي نَاحيَة المقعدة والمذاكير. وَقد يَقع فِي أدويته الزاج والقلقطار وَإِن كَانَا من جملَة الأكالات النَّاقِصَة للحم لَكِنَّهَا رُبمَا أدملت فِي شَدِيدَة الرُّطُوبَة وخصوصاً إِذا أحرقت فَيصير إدمالها لَيْسَ أقل من أكلهَا لَا سِيمَا إِن غسلت فَصَارَت إِلَى الإدمال أميل. وَأما الزنجار والأدوية الشَّدِيدَة الْأكل فَلَا تصلح لذَلِك إِلَّا بتدبير قوي وَفِي بعض الْجِرَاحَات والقروح الشَّدِيدَة الرُّطُوبَة. وَأما النّحاس المحرق إِذا غسل فَهُوَ جيد وخصوصاً المحرق والقلقطار المحرق والمرتك والاسفيذاج. وَأما كَيْفيَّة اتِّخَاذ ذَلِك فَأن يحل المراسنج والاسفيذاج بالخلّ ثمَّ يسْتَعْمل والإقليميا يسحق والأجود أَن يحرق ثمَّ يخلط بذلك مَعَ القلقطار وَيشْرب دهن الآس بالخل أَو الشَّرَاب الْقَابِض وَرُبمَا زيد عَلَيْهِ الزاج المحرق فِي الإدمال وَإِذا أُرِيد أَن تتَّخذ مراهم احْتِيجَ إِلَى مَا هُوَ أقوى من بَين المدملات مثل الاقليمياء والجلنار والعفص إِذا كَانَت الْجراحَة والقرحة شَدِيدَة
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute