الْبَوْل الْأسود فِي ابْتِدَاء الحميات قتّال وَكَذَلِكَ الَّذِي فِي انتهائها إِذا لم يَصْحَبهُ خف وَلم يكن دَلِيلا على بحران. وَأما الْبَوْل الْأَبْيَض فقد يفهم مِنْهُ مَعْنيانِ: أَحدهمَا أَن يكون رَقِيقا مشفًّا فَإِن النَّاس قد يسمُون المشف أَبيض كَمَا يسمون الزّجاج الصافي والبلور الصافي أَبيض. والقاني الْأَبْيَض بِالْحَقِيقَةِ هر الَّذِي لَهُ لون مفرق لِلْبَصَرِ مثل اللَّبن والكاغد وَهَذَا لَا يكون مشفًّا ينفذ فِيهِ الْبَصَر لِأَن الإشفاف بِالْحَقِيقَةِ هُوَ عدم الألوان كلهَا. فالأبيض بِمَعْنى المشف دَلِيل على الْبرد جملَة ومونس عَن النضج وَإِن كَانَ مَعَ غلظ دلّ على البلغم. وَأما الْأَبْيَض الْحَقِيقِيّ فَلَا يكون إِلَّا مَعَ غلظ فَمن ذَلِك مَا يكون بياضه بَيَاضًا مُخَاطبا وَيدل على كَثْرَة بلغم وخام وَمِنْه مَا بياضه بَيَاض دسمي وَيدل على ذوبان الشحوم وَمِنْه مَا بياضه بَيَاض إهالي وَيدل على بلغم وعَلى ذرب وَاقع أَو سيقع وَمِنْه مَا بياضه بَيَاض فقاعي مَعَ رقة وَمُدَّة يدل على قُرُوح متقيحة فِي آلَات الْبَوْل فَإِن لم يكن مَعَ مُدَّة فلغلبة الماعة الْكَثِيرَة الخامية الفجة وَرُبمَا كَانَ مَعَ حَصَاة المثانة وَمِنْه مَا يشبه الْمَنِيّ فَرُبمَا كَانَ بحراناً لأورام بلغمية ورهل فِي الأحشاء وأمراض تعرض من البلغم الزجاجي. وَأما إِذا كَانَ الْبَوْل شَبِيها بالمني لَيْسَ على سَبِيل البحران وَلَا لأورام بلغمية بل إِنَّمَا وَقع ابْتِدَاء فَإِنَّهُ إِنَّمَا ينذر بسكتة أَو فالج وَإِذا كَانَ الْبَوْل أَبيض فِي جَمِيع أَوْقَات الْحمى أوشك أَن تنْتَقل إِلَى الرّبع. وَالْبَوْل الرصاصي بِلَا رسوب رَدِيء جدا. وَالْبَوْل اللبني أَيْضا فِي الحادة مهلك وَبَيَاض الْبَوْل فِي الحميّات الحادة كَيفَ كَانَ الْبيَاض بعد أَن يعْدم الصَّبْغ يدل على أَن الصَّفْرَاء مَالَتْ إِلَى عُضْو يتورم أَو إِلَى إسهال وَالْأَكْثَر أَن يدل على أَنَّهَا مَالَتْ إِلَى نَاحيَة الرَّأْس وَكَذَلِكَ إِذا كَانَ الْبَوْل رَقِيقا قي الحميات ثمَّ أَبيض دفْعَة دلّ على اخْتِلَاط عقل يكون. واذا دَامَ الْبَوْل فِي حَال الصِّحَّة على لون الْبيَاض دلّ على عدم النضج. والإهالي الشبيه بالزيت فِي الحميات الحادة ينذر بِمَوْت أَو بدق. وَاعْلَم أَنه قد يكون بَوْل أَبيض والمزاج حَار صفراوي وبولى أَحْمَر والمزاج بَارِد بلغمي فَإِن الصَّفْرَاء إِذا مَالَتْ عَن مَسْلَك الْبَوْل وَلم تختلط بالبول بَقِي الْبَوْل أَبيض فَيجب أَن يتَأَمَّل الْبَوْل الْأَبْيَض فَإِن كَانَ لَونه مشرقاً وَثقله غزيراً غليظاً وقوامه مَعَ هَذَا إِلَى الغلظ فَاعْلَم أَن الْبيَاض من برد بلغم. وَأما إِن كَانَ اللَّوْن لَيْسَ بالمشرق وَلَا الثفل بالغزير وَلَا بالمفصول وَلَا الْبيَاض إِلَى كمودة فَاعْلَم أَنه لكمون الصَّفْرَاء وَإِذا كَانَ الْبَوْل فِي الْمَرَض الحاد أَبيض وَكَانَ هُنَاكَ دَلَائِل السَّلامَة لَا يخَاف مَعهَا السرسام وَنَحْوه فَاعْلَم أَن الْمَادَّة الحادة مَالَتْ إِلَى المجرى الآخر فالأمعاء تعرض للإسحاج. وَأما الْعلَّة فِي كَون الْبَوْل فِي الْأَمْرَاض الْبَارِدَة أَحْمَر اللَّوْن فسببه أحد أُمُور إِمَّا شدَّة الوجع وتحليله الصَّفْرَاء مثل مَا يعرض فِي القولنج الْبَارِد وَإِمَّا شدَّة وَقعت من غَلَبَة البلغم
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute