كَمَا يُؤَدِّي الجرب وَنَحْوه مِمَّا ذَكرْنَاهُ لتِلْك الْعلَّة بِعَينهَا وخصوصاً إِذا أَن الْبدن رديئاً مملوءاً فضولاً وَحِينَئِذٍ يشتدّ الوجع ويتأدى إِلَى القرحة فَيجب أَن تعالج ذَلِك بتنقية الْبدن وَبِمَا قيل فِي بَابه وَمَا لم ينق الورم لَا يُرْجَى علاجه ونحتاج فِي مثل هَذَا إِلَى أَن نحوط القرحة من الْأَذَى بالباسليقون وَنَحْوه إِن كَانَ الْبدن نقياً ونجعل بَينهَا وَبَين الْعُضْو حاجزاً مَانِعا عَن تأدي الْأَذَى إِلَى القرحة فِي كل حَال. يجب أَن تسمع وَصِيَّة جَامِعَة وَهُوَ أَنه من الْوَاجِب أَن يكون مَا تعالج بِهِ القرحة إِمَّا مُوَافقا أَو غير مُوَافق والموافق إِن لم ينفع فِي الْحَال فَلَا تصحبه مضرَّة والغير مُوَافق إِمَّا أَن يكون مُخَالفَته لِأَنَّهُ أَضْعَف وتدل عَلَيْهِ زِيَادَة مَا هُوَ ضد المتوقع مِنْهُ من تجفيف أَو تنقية أَو غير ذَلِك من غير فَسَاد آخر فَيجب أَن يُزَاد فِي قوته. وإمّا أَن تكون مُخَالفَته لوجوه أُخْرَى مثل أَن يسخن فَوق مَا يحْتَاج إِلَيْهِ فَيحدث حمرَة والتهاباً فَيحْتَاج أَن تنقص من قوته ويطفأ من التهابه فِي الْوَقْت بمرهم مبرد أَو تميل بِهِ إِلَى سَواد وكمودة فتعلم أَنه يبرده أَو لَيْسَ يسخنه الْقدر الْمُحْتَاج إِلَيْهِ فَيحْتَاج أَن تزيد فِي قُوَّة سخونته أَو ترهله فتحتاج أَن تزيد فِي قُوَّة القوابض والمجففات كالجلنار والعفص وَنَحْوه أَو يجفف فَيجب أَن تتدارك تجفيفه بِمَا نذْكر لَك أَو يَأْكُلهُ ويغوره كَمَا نبين فنحتاج أَن تكسر قُوَّة جلائه. وَكَثِيرًا مَا لَا يُوَافق الدَّوَاء لِأَن مزاج العليل مفرط فِي بَاب مَا فتحتاج أَن يكون الدَّوَاء قَوِيا فِي ضد ذَلِك الْبَاب حَتَّى يُعِيدهُ إِلَى مزاجه أَو ضَعِيفا فِي بَاب مُوَافَقَته. فصل فِي علاج القروح الصديدية تحْتَاج أَن تسْتَعْمل فِيهَا الْأَدْوِيَة المجفّفة لتنقي الصديد ثمَّ تشتغل بإنبات اللَّحْم إِن كَانَت رهلة وَاسْتعْمل عَلَيْهَا أدوية الإنبات غورتها وعفنتها لضعف أجسام تِلْكَ القروح بل يجب أَن يجفف أَولا ثمَّ يسْتَعْمل وَإِذا اسْتعْملت الدَّوَاء فَلم تَجِد الرُّطُوبَة تنقص أَو رَأَيْتهَا ازدادت فَاعْلَم أَن الدَّوَاء بِحَسب ذَلِك الْبدن لَيْسَ بمجفف فزد فِي تقويته وتجفيفه وأعنه بالجلاء الْيَسِير كالعسل مثلا وبأدوية قباضة مثل الجلنار والشب وقلل من قُوَّة الدّهن واجعله دهناً فِيهِ تجفيف. وَإِن رَأَيْت القرحة قد أفرطت أَيْضا فِي الْجَفَاف فانقص من القوى كفها أَعنِي التجفيف والجلاء وَالْقَبْض واحفظ هَذِه الْوَصِيَّة فِي الْأَدْوِيَة المنبتة للحم فِي القروح وَلَا تغلط بِشَيْء وَاحِد وَهُوَ أَن يكون الدَّوَاء أجلى مِمَّا يَنْبَغِي فيأكل الْعُضْو ويحيل لحميته إِلَى رُطُوبَة سَائِلَة تحسبها صديداً فتزيد فِي قُوَّة الْجلاء وَمثل هَذَا الدَّوَاء يَجْعَل القرحة أغور وأسخن وأشبه بالمتورم وتتخزف الشّفة ويحس العليل بلذع ظَاهر وَاعْلَم أَن الْأَدْوِيَة المجففة للقروح مِنْهَا مَا هِيَ شَدِيدَة التبريد كالبنج والأفيون وأصل اللقَاح وَمِنْهَا مَا هِيَ شَدِيدَة التسخين مثل الريتيانج والزفت فَيكون لَك أَن تعْمل أَحدهمَا بِالْآخرِ وبحسب مُقَابلَة مزاج بمزاج من الأمزجة الْجُزْئِيَّة والأدوية المنقية للصديد هِيَ الْأَدْوِيَة المجففة مثل الشب والعفص وقشور الرُّمَّان وقشار الكند والمرداسنج ودقيق الشّعير وسويقه وشقائق النُّعْمَان وورق شجر البعوض. وَإِذا ضمد بورق الْجَوْز الطري وَجوزهُ وضمد بِهِ كَمَا هُوَ أَو مطبوخاً بشراب نفع جدّاً ونشف الرطوبات بِغَيْر أَذَى.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute