الْمقَالة الثَّالِثَة فِي تَدْبِير النهش الْكُلِّي وَفِي طرد الحشرات وَفِي عَلَامَات لدغ الْحَيَّات وأصنافها فصل فِي كَلَام كلّي من قوانين المعالجة اعْلَم أَن القانون الْأَكْبَر فِي علاج النهش تَقْوِيَة الْحَار الغريزي وتهييجه إِلَى المدافعة كَمَا يَفْعَله الترياق واللعبة البربرية وتدبير بالتقوية التحرق السم وتدفعه إِلَى خَارج ومراعاة تَقْوِيَة الأحشاء ثمَّ دفع السم وَإِبْطَال فعله بالمشروبات والأطلية الَّتِي لَهَا ذَلِك بخاصية أَو بطبيعة مَعْرُوفَة على مَا نذْكر وَرُبمَا دخل فِي هَذِه الْأَعْرَاض شَيْء آخر وَهُوَ التَّدْبِير المقلل لرطوبات الْبدن فَإِن نُفُوذ السمّ فِي الْأَعْضَاء الْأَصْلِيَّة أعْسر وأصعب عَلَيْهِ من نُفُوذه فِي الرطوبات إِذا وجدهَا وامتطاها وَيدخل فِي هَذَا الْبَاب الفصد والإسهال وَنَحْوه وَأولى الْأَوْقَات بالفصد حِين مَا تعلم أَن السم قد انْتَشَر فِي الْبدن وَلَيْسَ مِمَّا ينجذب وخصوصاً لمن كَانَ ممتلئاً وَقد يدْخل فِي هَذَا الْبَاب شَيْء آخر وَهُوَ تصيير الأخلاط متحركة إِلَى جِهَة أُخْرَى غير جِهَة الأعضِاء الرئيسة. والمشروبات على السمُوم: إِمَّا ترياقات وبادزهرات كُلية أَو خَاصَّة بذلك السم وَإِمَّا أدوية مضادة للسم بالمراج كالحلتيت المضاد لسم الْعَقْرَب بالخاصة. وَإِمَّا مموجة للسم إِلَى خَارج بتحريك الأخلاط إِلَى خَارج كالأدوية المعرقة. وَإِمَّا أدوية منحية للأخلاط عَن وَجه السم فَلَا تَجِد علئ مَا ذكرنَا مركبا مثل الْأَدْوِيَة المسهّلة والمقيئة فِي اللسوع وَكَذَلِكَ المدرات. وَإِمَّا أدوية محركة للمواد إِلَى الْبعد عَن الرئيسة فيتدافع مَا يَتَحَرَّك إِلَيْهَا كهذه الْأَدْوِيَة المسهلة والمقيئة والمدرة. والأدوية الَّتِي تسْتَعْمل على العضوض أطلية فِيهَا أَعْرَاض أَحدهَا أَن تمنع نُفُوذ السمّ فِي الْبدن وَذَلِكَ إِمَّا برباطات وسدّ طرق وَمنع نوم لتحرك الْحَار الغريزي إِلَى خَارج فيدافع وَمن هَذَا الْبَاب قطع الْعُضْو الملسوع بأدوية تكوى وَأَسْبَاب جواذب وَلذَلِك القوابض ضارة لَهَا لِأَنَّهُ لَا أَنْفَع من الدَّوَاء الَّذِي يجذب السم إِلَى خَارج ويمنعه عَن النّفُوذ إِلَى دَاخل وخصوصاً إِذا كَانَ السم بعد لم ينتشر وَمن هَذَا الْقَبِيل المحاجم. وَرُبمَا احْتِيجَ إِلَى شَرط إِن كَانَ قد تعمق وَنفذ وَإِن كَانَ يُمكن فإرسال العلق حِينَئِذٍ يُغني عَن ذَلِك وَعَن المص مَا دَامَ فِي الْجلد فَإِن المص رُبمَا كفى وَيجب أَن يكون الماص غير صَائِم بل قد أكل وَغسل فَاه وَيكون غير متآكل الْأَسْنَان وَقد تمضمض بشراب ريجانيِ وَشرب مِنْهُ شَيْئا وَأمْسك فِي فَمه دهن الْورْد أَو دهن البنفسج وَإِذا كَانَ فِي فَمه آفَة أخر ودفعَ وكل مَا يمصه هَذَا الماص فَيجب أَن يبصقه. وَأما الْأَدْوِيَة فَمثل الْأَدْوِيَة المعرقة شرباً والمحمرة والجاذبة طلاء وَيَقُول جالينوس أَن الْأَدْوِيَة الجاذبة للسم إِمَّا أَن تكون جاذبة بِالْقُوَّةِ المسخنة أَو بِسَبَب المشاكلة لتجذب لتجب مَا تشاكله مثل مَا يفعل شَحم التمساح لعضة التمساح وَلحم الأفعى بعد قطع طَرفَيْهِ فِي جذب سمه حَتَّى تكون بعض الْأَدْوِيَة النافعة من السمُوم سموماً أَيْضا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute