فِي الْحَاجة إِلَى الْأَدْوِيَة المركبة إِنَّه قد لَا نجد فِي كل علّة خُصُوصا المركبة دَوَاء مُقَابلا لَهَا من الْمُفْردَات وَلَو وجدنَا لما آثرنا عَلَيْهِ بل رُبمَا لم نجد مركّباً نقابل بِهِ مركّباً أَو نجده إِلَّا أَنا نحتاج إِلَى قُوَّة زَائِدَة فِي أحد بسيطيه فنحتاج إِلَى أَن نضيف إِلَيْهِ بسيطاً يُقَوي قوته كالبابونج فَإِن فِيهِ قوّة تَحْلِيل أَكثر وَقُوَّة قبض أقل فتشتد قُوَّة الْقَبْض بدواء بسيط قَابض تضيفه إِلَيْهِ وَرُبمَا وجدنَا دَوَاء مُفردا مسخناً وَلَكِن حاجتنا ماسة إِلَى سخونة أقل مِنْهَا فنحتاج أَن نضيف إِلَيْهِ مبرداً أَو أَكثر مِنْهَا فنحتاج أَن نضيف إِلَيْهِ مسخناً آخر وَرُبمَا نحتاج إِلَى دَوَاء يسخّن أَرْبَعَة أَجزَاء وَلم نجد إِلَّا مَا يسخن ثَلَاثَة أَجزَاء وَآخر يسخّن خَمْسَة أَجزَاء فنجمع بَينهمَا راجين أَن يحصل من الْجُمْلَة مسخّن لأربعة أَجزَاء. وَرُبمَا كَانَ الدَّوَاء الَّذِي نريده بَالغا فِيمَا نريده لكنه ضار فِي أَمر آخر فنحتاج إِلَى أَن نخلط بِهِ مَا يكسر مضرته وَرُبمَا كَانَ بشعاً كريهاً عِنْد الطَّبْع تعافه الْمعدة فتقذفه فتضيف إِلَيْهِ مَا يطيبه وَرُبمَا كَانَ الْغَرَض فِيهِ أَن يفعل فِي مَوضِع بعيد فنخاف أَن تكسر قوته الهضم الأول والهضم الثَّانِي فنقرنه بحافظ غير منفعل يصرف عَنهُ عَادِية الهضمين حَتَّى يبلغ الْعُضْو الْمَقْصُود سالما كَمَا يُوقع الأفيون فِي أدوية الترياق. وَرُبمَا كَانَ الْغَرَض فِيهِ البذرقة كَمَا يلقى الزَّعْفَرَان فِي أَقْرَاص الكافور حَتَّى يبلغهَا الْقلب لَكِنَّهَا إِذا بلغت الْقلب عَمَدت الْقُوَّة الدميزة بتفريق قوى التَّحْلِيل والقبصْ كَانَ الدَّوَاء طبيعيأً أَو مَعْمُولا فيسرح الْمُحَلّل إِلَى نفس الْعُضْو الْأَلَم فيحلل الْمَادَّة والرادع إِلَى مجاري الْمَادَّة فَيمْنَع الْمَادَّة وَرُبمَا أردنَا دَوَاء يلبث فِي مَمَره قَلِيلا حَتَّى يعْمل هنْاك عملا فائقاً كثيرا ثمَّ يكون ذَلِك الدَّوَاء سريع النّفُوذ فنركبه بمثبط مثل كثير من الْأَدْوِيَة المفتحة فَإِنَّهَا سريعة النّفُوذ عَن الكبد. وَرُبمَا كَانَت الْحَاجة ماسة إِلَى لبث مِنْهَا فِي الكبد فنخلط بهَا أدوية جاذبة إِلَى ضد جِهَة الكبد كبزر الفجل الجاذب إِلَى فَم الْمعدة فَيتَخَيَّر الدَّوَاء قدر مَا تصل منفعَته إِلَى الكبد ثمَّ ينفذ. وَرُبمَا كَانَ الدَّوَاء الَّذِي نجده مُشْتَركا لطريقين وغرضنا فِي طَرِيق وَاحِد فنقرن بِهِ مَا يحملهُ إِلَى ذَلِك كَمَا نجْعَل الذراريح فِي الْأَدْوِيَة المدرة المفتّحة ليصرفها عَن جِهَة الْعُرُوق إِلَى جِهَة الْكل وَاعْلَم أَن الْكثير من الْأَدْوِيَة معملاَ وموقعاً وَرُبمَا قصد بِهِ معمل أبعد من موقعه فنحتاج إِلَى مطرق وَرُبمَا قصد بِهِ معمل أقرب من موقعه فَيحْتَاج إِلَى مثبط. وَاعْلَم أَن المجرب خير من غير المجرّب والقليل الْأَدْوِيَة خير من كثيرها فِي غَرَض وَاحِد.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute