للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الغليظة أورثت وجع المفاصل والكلى والربو وضيق النَّفس والنقرس وجساوة الطحال والكبد والأمراض البلغمية والسوداوية وَأما إِذا عرضت من أغذية لَطِيفَة فَيعرض مِنْهَا حميات حادة خبيثة وأورام حادة رَدِيئَة وَرُبمَا احْتِيجَ إِلَى إِدْخَال طَعَام مَا أَو شَيْء يشبه الطَّعَام على طَعَام يكون كَأَنَّهُ دَوَاء لَهُ مثل الَّذين يتناولون أغذية حريفة ومالحة فَإِذا اتبعوها بعد زمَان يكون لم يتمم فِيهِ الهضم بالمرطبات من الأغذية التفهة صلح بذلك كيموس مَا اغتذوا بِهِ وَهَؤُلَاء يغنيهم هَذَا التَّدْبِير وَلَا حَاجَة بهم إِلَى الرياضة وبضد هَذَا حَال من يتبع الغليظة بعد زمَان بِمَا هُوَ سريع الهضم حريف وَالْحَرَكَة الْخَفِيفَة على الطَّعَام بِقَدرِهِ فِي الْمعدة وخصوصاً لمن أَرَادَ النّوم عَلَيْهِ. والأعراض النفسانية القادحة والحركات الْبَدَنِيَّة الفادحة يمنعان الهضم وَيجب أَن لَا يُؤْكَل فِي الشتَاء الأغذية القليلة الْغذَاء كالبقول بل يُؤْكَل مَا هُوَ أغْنى من الْحُبُوب وَأَشد اكتنازاً وَفِي الصَّيف بالضد ثمَّ يجب أَن لَا يمتلىء مِنْهُ حَتَّى لَا مَكَان لفضلة بل يجب أَن يمسك عَنهُ وَفِي النَّفس بعض من بَقِيَّة الشَّهْوَة. فَإِن تِلْكَ الْبَقِيَّة من تقاضى الْجُوع تبطل بعد سَاعَة وَيجب أَن يحفظ مجْرى الْعَادة فِي ذَلِك فَإِن شَرّ الْأكل مَا أثقل الْمعدة وَشر الشَّرَاب مَا جَاوز الِاعْتِدَال وطقا فِي الْمعدة فَإِن أفرط يَوْمًا جَاع فِي الثَّانِي وَأطَال النّوم فِي مَكَان معتدل لَا حر فِيهِ وَلَا برد وَإِذا لم يساعده النّوم مَشى مشياً كثيرا لينًا مُتَّصِلا لَا فَتْرَة فِيهِ وَلَا استراحة وَيشْرب شرابًا قَلِيلا صرفا. قَالَ روفس: أَنا أَحْمد هَذَا الْمَشْي وخصوصاً بعد الْغذَاء فَإِنَّهُ يهيىء لجودة موقع الْعشَاء. وَيجب أَن يكون النّوم على الْيَمين أَو زَمَانا يَسِيرا ثمَّ ينَام على الْيَسَار ثمَّ ينَام على الْيَمين. وَاعْلَم أَن الدثار وَرفع الوساد معِين على الهضم وَبِالْجُمْلَةِ أَن يكون وضع الْأَعْضَاء مائلاً إِلَى تَحت لَيْسَ إِلَى فَوق وَتَقْدِير الطَّعَام هُوَ بِحَسب الْعَادة وَالْقُوَّة وَأَن يكون مِقْدَاره فِي الصَّحِيح الْقُوَّة والمقدار الَّذِي إِذا تنَاوله لم يثقل وَلم يمدد الشراسيف وَلم ينْفخ وَلم يقرقر وَلم يطفُ وَلم يعرض غثى وَلَا شَهْوَة كلبية وَلَا سُقُوط وَلَا بلادة ذهن وَلَا أرق وَلم يجد طعمه فِي الجساء بعد زمَان وكل مَا وجد طعمه بعد مُدَّة أطول فَهُوَ أردأ وَقد يدل على أَن الطَّعَام معتدل أَن لَا يعرض مِنْهُ عظم نبض مَعَ صغر نفس فَإِنَّهُ إِنَّمَا يعرض بِسَبَب مزاحمة الْمعدة للحجاب فيصغر النَّفس لذَلِك ويتواتر وتزداد بذلك حَاجَة الْقلب فيعظم النبض ويزداد ضعف الْقُوَّة وَمن لَهُ على طَعَامه حرارة وسخونة فَلَا يأكلن دفْعَة بل قَلِيلا قَلِيلا لِئَلَّا يعرض من الامتلاء عرض حَالَة كالنافض ثمَّ يتبعهُ حرارة كَحمى يومية حِين يسخن الطَّعَام وَمن كَانَ يعجز عَن هضم الْكِفَايَة أَكثر عمد اغتذائه وقلل مِقْدَاره والسوداوي يحْتَاج إِلَى غذَاء مرطب كثيرا مسخن قَلِيلا والصفراوي إِلَى مَا يرطب ويبرد وَمن كَانَ الدَّم الَّذِي يتَوَلَّد فِيهِ حاراً فَيحْتَاج إِلَى أغذية بَارِدَة قَليلَة الْغذَاء وَمن كَانَ مَا يتَوَلَّد فِيهِ من الدَّم بلغمياً فَيحْتَاج إِلَى أغذية قَليلَة الْغذَاء فِيهَا سخونة وتلطيف.

<<  <  ج: ص:  >  >>