وَاعْلَم أَن الشَّرَاب الْعَتِيق فِي حكم الدَّوَاء لَيْسَ فِي حكم الْغذَاء وَإِن الشَّرَاب الحَدِيث ضار بالكبد ومؤد إِلَى الْقيام الكبدي لنفخه وإسهاله. وَاعْلَم أَن خير الشَّرَاب هُوَ المعتدل بَين الْعَتِيق والْحَدِيث الصافي الْأَبْيَض إِلَى الْحمرَة الطّيب الرَّائِحَة المعتدل الطّعْم لَا حامض وَلَا حُلْو وَالشرَاب الْجيد الْمَعْرُوف بالمغسول وَهُوَ أَن يتَّخذ ثَلَاثَة أَجزَاء من السعتر وجزءاً من المَاء ويغلي حَتَّى يذهب ثلثه وَمن أَصَابَهُ من شرب الشَّرَاب لذع مصّ بعده الرُّمَّان وَالْمَاء الْبَارِد وشراب الإفسنتين من الْغَد وَاسْتعْمل الْحمام وَقد تنَاول شَيْئا يَسِيرا. وَاعْلَم أَن الممزوج يرخّي الْمعدة ويرطّبها وَهُوَ يسكر أسْرع لتنفيذ المائية وَلَكِن ذَلِك يجلو الْبشرَة ويصفي القوى النفسانية وليجتنب الْعَاقِل تنَاول الشَّرَاب على الرِّيق أَو قبل اسْتِيفَاء الْأَعْضَاء من المَاء فِي المرطوبين أَو عقيب حَرَكَة مفرطة فَإِن هذَيْن ضاران بالدماغ والعصب ويوقعان فِي التشنّج واختلاط الْعقل أَو فِي مرض أَو فضل حَار. وَالسكر الْمُتَوَاتر رَدِيء جدا يفْسد مزاج الكبد والدماغ ويضعف العصب وَيُورث أمراض العصب والسكتة وَالْمَوْت فَجْأَة. وَالشرَاب الْكثير يَسْتَحِيل صفراء رَدِيئَة فِي بعض الْمعد وخلا حاذقاً فِي بعض الْمعد وضررهما جَمِيعًا عَظِيم. وَقد رأى بَعضهم أَن السكر إِذا وَقع فِي الشَّهْر مرّة أَو مرَّتَيْنِ نفع بِمَا يُخَفف من القوى النفسانية ويريح بدر الْبَوْل والعرق ويحلل الفضول سِيمَا من الْمعدة. وليعلم أَن غَالب ضَرَر الشَّرَاب إِنَّمَا هُوَ بالدماغ فَلَا يشربنه ضَعِيف الدِّمَاغ إِلَّا قَلِيلا وممزوجاً وَالصَّوَاب لمن يمتلىء من الشَّرَاب أَن يُبَادر إِلَى الْقَيْء فَإِن سهل وَإِلَّا شرب عَلَيْهِ مَاء كثيرا وَحده أَو مَعَ عسل ثمَّ استحم بعد الْقَيْء بالأبزن وتمرخ بدهن كثير وينام. وَالصبيان شربهم الشَّرَاب كزيادة نَار على نَار فِي حطب ضَعِيف وَمَا احْتمل الشَّيْخ فاسقه وَعدل الشبَّان فِيهِ. وَالْأولَى للشبان أَن يشْربُوا الشَّرَاب الْعَتِيق ممزوجاً بِمَاء الرُّمَّان أَو ممزوجاً بِالْمَاءِ الْبَارِد كي يبعد عَن الضَّرَر وَلَا يَحْتَرِق مزاجهم والبلد الْبَارِد يحْتَمل الشّرْب فِيهِ والحار لَا يحْتَملهُ وَمن أَرَادَ الامتلاء من الشَّرَاب فَلَا يمتلىء من الطَّعَام وَلَا يَأْكُل الحلو بل يتحسى من الأسفيذاح الدسم ويتناول ثريدة دسمة وَلَحْمًا دسماً مجزعاً واعتدل وَلم يتعب ويتنقل باللوز والعدس المفلحين وكامخ الْكبر وَإِن أكل الكرنبية وزيتون المَاء وَنَحْوه نفع وأعان على الشّرْب وَكَذَلِكَ جَمِيع مَا يجفف البخار مثل بزر الكرنب النبطي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute