للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْكَلَام ويرفق باليسير وَإِذا شرب المَاء بالخل كَانَ الْقَلِيل مِنْهُ كَافِيا فِي تسكين الْعَطش حَيْثُ لَا يُوجد مَاء كثير وَكَذَلِكَ شرب لعاب بزر القطونا. الْفَصْل الثَّالِث وخصوصاً فِي السّفر وتدبير من يُسَافر فِيهِ إِذا لم يدبروا أنفسهم تأذى بهم الْأَمر فِي آخِره إِلَى أَن يضعفوا وتتحلّل قواهم حَتَّى لَا يُمكنهُم أَن يتحركوا ويغلب عَلَيْهِم الْعَطش وَرُبمَا أضرت الشَّمْس بأدمغتهم فَلذَلِك يجب أَن يحرصوا على ستر الرَّأْس عَن الشَّمْس سترا شَدِيدا. وَكَذَلِكَ يجب أَن يحفظ الْمُسَافِر مِنْهَا صَدره ويطليه بِمثل لعاب بزر قطونا وعصارة البقلة الحمقاء. والمسافرون فِي الْحر رُبمَا احتاجوا إِلَى شَيْء يتناولونه قبل السّير مثل سويق الشّعير وشراب الْفَوَاكِه وَغير ذَلِك فَإِنَّهُم إِذا ركبُوا وَلَا شَيْء فِي أحشائهم بَالغ التَّحْلِيل فِي إضعافهم وَإِذ لَا يكون لَهُم فِيهِ بدل فَيجب أَن يتناولوا مِمَّا ذكرنَا شياً ثمَّ يَلْبَثُوا حَتَّى ينحدر عَن الْمعدة وَلَا يتخضخض. وَيجب أَن يصحبهم فِي الطَّرِيق دهن الْورْد والبنفسج يستعملون مِنْهُمَا سَاعَة بعد سَاعَة على هامهم. وَكثير مِمَّن تصيبهم آفَة من السّفر فِي الْحر يعود إِلَى حَاله بسباحة فِي مَاء بَارِد وَلَكِن الأصوب أَن لَا يستعجل بل يصبر يَسِيرا ثمَّ يتدرج إِلَيْهِ. وَمن خَافَ السمُوم فَالْوَاجِب عَلَيْهِ أَن يعصب منخره وفمه بعمامة ولثام ويصبر على الْمَشَقَّة فِيهِ وليقدم قبله أكل البصل فِي الدوغ وخصوصاً إِذا كَانَ البصل مربى فِيهِ أَو منقوعاً فِيهِ لَيْلَة تَأْكُل البصل ويتحسى الدوغ. وَيجب أَن يكون البصل قبل الْإِلْقَاء فِي الدوغ بصلاً قوي التقطيع وَليكن التنشق بدهن الْورْد ودهن حب القرع ويتحسّى دهن القرع فَإِنَّهُ مِمَّا يدْفع مضرَّة السمُوم المتوقعه. وَإِذا ضربه السمُوم سكب على أَطْرَافه مَاء بَارِد أَو غسل بِهِ وَجهه وَيجْعَل غذاءه من الْبُقُول الْبَارِدَة وَيَضَع على رَأسه الأدهان الْبَارِدَة مثل دهن الْورْد والعصارات الْبَارِدَة مثل عصارة حَيّ الْعَالم ودهن الْخلاف ثمَّ يغْتَسل وليحذر الْجِمَاع. والسمك المالح يَنْفَعهُ إِذا سكن مَا بِهِ. وَالشرَاب الممزوج أَيْضا يَنْفَعهُ وَاللَّبن من أَجود الْغذَاء لَهُ إِن لم يكن بِهِ حمى فَإِن كَانَ بِهِ حمى لَيست من الحميات العفنة بل اليومية اسْتعْمل الدوغ الحامض. وَإِذا عَطش على النّوم تجزى بالمضمضة وَلم يشرب ريه فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ يَمُوت على الْمَكَان بل يجب أَن يتجزى بالمضمضة وَأَن لم يجد بدا من أَن يشرب يشرب جرعة بعد جرعة فَإِذا سكن مَا بِهِ وَسكن الهائج من عطشه شرب وَإِن بَدَأَ أولأ قبل شربه فَشرب دهن ورد وَمَاء ممزوجين ثمَّ شرب المَاء كَانَ أصوب. وَبِالْجُمْلَةِ فَإِن مَضْرُوب الحرّ يجب أَن يَجْعَل مَجْلِسه موضعا بَارِدًا وَيغسل رجله بِالْمَاءِ الْبَارِد وَإِن كَانَ عطشان شرب الْبَارِد قَلِيلا قَلِيلا ويغتذي بِشَيْء سريع الانهضام. الْفَصْل الرَّابِع تَدْبِير من يُسَافر فِي الْبرد إِن السّفر فِي الْبرد الشَّديد عَظِيم الْخطر مَعَ الِاسْتِظْهَار بِالْعدَدِ والأهب فَكيف مَعَ ترك

<<  <  ج: ص:  >  >>