للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْحَلَاوَة والمرارة والحرافة والملوحة والحموضة والعفوصة وَالْقَبْض والدسومة. وَيَقُولُونَ: إِن الجوهرالحامل للطعم إِمَّا أَن يكون كثيفاً أرضياً وَإِمَّا أَن يكون لطيفاً وَإِمَّا أَن يكون معتدلاً. وقوته إِمَّا أَن تكون حارة وَإِمَّا أَن تكون بَارِدَة وَإِمَّا أَن تكون متوسّطة. والكثيف الأرضي إِن كَانَ حاراً فَهُوَ مر وَإِن كَانَ بَارِدًا فَهُوَ عفص وَإِن كَانَ معتدلاً فَهُوَ حُلْو. واللطيف إِن كَانَ حاراً فَهُوَ حريف ران كَانَ بَارِدًا فَهُوَ حامض وَإِن كَانَ معتدلاً فَهُوَ دسم. والمتوسّط فِي الكثافة واللطف إِن كَانَ حاراً فَهُوَ مالح وَإِن كَانَ بَارِدًا فَهُوَ قَابض وان كَانَ معتدلاً فقد قَالُوا إِنَّه تفه وَفِي التفه كَلَام. والحريف أسخن ثمَّ المر ثمَّ المالح لِأَن الرِّيف أقوى على التَّحْلِيل والتقطيع والجلاء من المر ثمَّ المالح كَأَنَّهُ مر مكسور برطوبة بَارِدَة يدل عَلَيْهِ مَا ذَكرْنَاهُ من نَحْو تكونه وَكَذَلِكَ إِذا سخن المالح بشمس أَو نَار أَو بمفارقة المائية الكاسرة من قُوَّة الْحَرَارَة صَار مرا وَكَذَلِكَ البورق. والمحلل المر أسخن من الْملح الْمَأْكُول والعفص هُوَ الْأَبْرَد ثمَّ الْقَابِض ثمَّ الحامض وَلذَلِك تكون الْفَوَاكِه الَّتِي تحلو تكون أَولا فِيهَا عفوصة شَدِيدَة التبريد فَإِذا جرت فِيهَا هوائية ومائية حَتَّى تعتدل قَلِيلا بالهوائية وبإسخان الشَّمْس المنضج مَالَتْ إِلَى الحموضة مثل الحصرم وَفِيمَا بَين ذَلِك تكون إِلَى قبض يسير لَيْسَ بعفوصة ثمَّ تنْتَقل إِلَى الْحَلَاوَة إِذا عملت فِيهَا الْحَرَارَة المنضجة وَرُبمَا انْتقل من العفوصة إِلَى الْحَلَاوَة من غير تحمض مثل الزَّيْتُون. لَكِن الحمض وَإِن كَانَ أقل بردا من العفص فَهُوَ فِي الْأَكْثَر أَكثر تبريداً مِنْهُ للطافته ونفوذه. والعفص والقابض يتقاربان فِي الطّعْم لَكِن الْقَابِض إِنَّمَا يقبض ظَاهر اللِّسَان والعفص يقبض ويخشن الظَّاهِر وَالْبَاطِن وَمِمَّا يعنيه على تخشينة أَنه لَا يَنْقَسِم لكثافته إِلَى أَجزَاء صغَار بِسُرْعَة وَلَا يلتحم بعضه بِبَعْض بِسُرْعَة. ولهاتين حالتين تفترق مواقعه من اللِّسَان افتراقاً محسوساً فيختلف قَبضه فِي أَجْزَائِهِ فيختلف وَضعهَا فيخشن ويعين على ذَلِك اخْتِلَاف أَجزَاء الْعُضْو فِي مسامتته ومضاهاته. والعفص ألطف وَأدْخل. والحريف والمر يجردان اللِّسَان جردا. لَكِن المر إِنَّمَا يجرد ظَاهر اللِّسَان والحريف يغوص جرده وتفريقه لِأَنَّهُ لطيف الْجَوْهَر غواص. وَأما المرّ فثقيل الْجَوْهَر يابسه وَلذَلِك لَا يقبل الصّرْف مِنْهُ عفونة يتَوَلَّد مِنْهَا فِيهِ حَيَوَان وَلَا يَغْدُو الصّرْف مِنْهُ حَيَوَانا. وليبوسة المر مَا يجرد مَعَ تخشين مَا وَمِمَّا يُقَوي حرارة الحريف على حرارة المر نُفُوذه فَيقطع شَدِيدا ويحلل شَدِيدا حَتَّى يَأْكُل ويعفن ويبلغ أَن يهْلك. والحلو وَالدَّسم كِلَاهُمَا يبسطان اللِّسَان ويلينانه بتسييل مَا أَدَّاهُ الْبرد وعقده من غير تَحْلِيل ويزيلان خشونته لَكِن الدسم يفعل ذَلِك من غير تسخين بَين. والحلو يفعل مَعَ تسخين فَلذَلِك ينضج الحلو أَكثر. قَالَت الْأَطِبَّاء: وَإِنَّمَا صَار الحلو لذيذاً لِأَنَّهُ يجلو الغليظ جلاء يصلحه ويسيله ويلينه ويزيل أَذَى جموده من غير تقطيعه وتفريق اتِّصَال وملاقاة بعنف وَلَا يسنخن سخونة مؤذية بل لذيذة مثل لَذَّة المَاء المعتدل الْحر إِذا صب على الخصر. وَأما القَوْل الْفَصْل فِي هَذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>