للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التبريد الْبَالِغ النَّافِذ وَرُبمَا كَانَ القوام معينا للكيفية وَرُبمَا كَانَ مضاداً. أما الْمعِين فَمثل اللطافة الَّتِي تقارن الحموضة فتجعل تبريدها أغوص. وَأما المضاد فَمثل الكثافة الَّتِي تقارن المصل فتجعل تبريده أقل مَسَافَة. وَقد يعرض أَن يكون بعض الطعوم غير صرف ثمَّ يصرف على الزَّمَان مثل مَاء الحصرم فَإِنَّهُ إِذا طَالَتْ عَلَيْهِ الْمدَّة خلصت عَلَيْهِ حموضته لِكَثْرَة مَا يرسب من العفص وَغَيره. وَقد يعرض أَن يكون بعض الطَّعَام صرفا فيخلطه الزَّمَان بِغَيْرِهِ مثل الْعَسَل فَإِنَّهُ يمرره ويحرِّفه الزَّمَان زِيَادَة تمرير وتحريف. وكما يُقَوي تمرير الزَّمَان أَو تحريفه عصير الْعِنَب يمرره الزَّمَان أَولا مرَارَة ممزوجة ثمَّ يَأْخُذ فِيهَا إِلَى الحرافة وَإِذا اخْتَلَط العفص والمر كَانَ جلاء مَعَ قبض وَيصْلح لإدمال القروح الَّتِي فِيهَا رهل قَلِيل ويصد لكل إِطْلَاق سَببه سدد. وينفع الطحال نفعا شَدِيدا إِن كَانَت المرارة لَيست فِيهِ بضعيفة وَجَمِيع مَا بِهَذِهِ الصّفة فَإِنَّهُ نَافِع للمعدة والكبد فَإِن المر الْمُطلق والحريف الْمُطلق يضران بالأحشاء فَإِن وافقها الْقَبْض نَفَعت فَإِنَّهَا بمرارتها تجلو وَبِمَا فِيهَا من الْقَبْض تحفظ قُوَّة الأحشاء. وَقد يكون فِي الْقَابِض المر بل فِي الْقَابِض الَّذِي لَا يظْهر فِيهِ كثير مرَارَة قُوَّة تسهيل الصَّفْرَاء والمائية بالعصر وَلَا يكون فِيهِ قُوَّة مسهلة للبلغم اللزج خُصُوصا إِن كَانَ الْقَبْض أقوى عَن المرارة. وَهَذَا كالأفسنتين. وكل حُلْو مَعَ قبض فَهُوَ حبيب إِلَى الأحشاء أَيْضا لِأَنَّهُ لذيذ ومقوّ وينفع خشونة المريء لِأَنَّهُ يشابه المعتدل. وكل مجفف بعفوصته أَو قَبضه إِذا كَانَت فِيهِ دسومة أَو تفه أَو حلاوة. وَبِالْجُمْلَةِ مَا يمْنَع اللذع فَهُوَ منبت للحم. فَإِن كَانَ قبض مَعَ حرافة أَو مرَارَة وَهُوَ الْمركب من جَوْهَر ناريّ وأرضي فَهُوَ يصلح للقروح الَّتِي فِيهَا رُطُوبَة رَدِيئَة وَيصْلح جدا للإدمال وَقد تتركّب قوى هَذِه بِحَسب تركب قوى موادها وطعومها على الْقيَاس الَّذِي اشترطناه قبل. فَهَذَا مَا نقُوله فِي الطعوم وَمَا يلْزم على أصولهم. وَأما الْكَلَام الْمُحَقق فِي هَذِه الْأُمُور فللعلم الطبيعي والطبيب يَكْفِيهِ هَذَا الْقدر مأخوذاً مِنْهُم. وَأما الروائح فَإِنَّهَا تحدث عَن حرارة وتحدث عَن برودة وَلَكِن مشمَها ومسعطها هِيَ الْحَرَارَة فِي أَكثر الْأَمر لِأَن الْعلَّة الأكثرية فِي تقريب الروائح إِلَى الْقُوَّة الشامة هُوَ جَوْهَر لطيف بخاري وَإِن كَانَ قد يجوز أَن يكون على سَبِيل اسْتِحَالَة الْهَوَاء من غير تحلل شَيْء من ذِي الرَّائِحَة إِلَّا أَن الأول هُوَ الأكثري فَجَمِيع الروائح الَّتِي يحدق مِنْهَا لذع أَو تميل إِلَى جنبة الْحَلَاوَة فَكلهَا حارة وَالَّتِي تحسق حامضة وكرجية ندوية فَكلهَا بَارِدَة. وَالطّيب أَكْثَره حَار إِلَّا مَا

<<  <  ج: ص:  >  >>