للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يرم الْحجاب وَالْعُرُوق الَّتِي تخرج من الرَّأْس حَتَّى تكَاد تتفتّح الشؤون مَعَه. وَمَا كَانَ مِنْهُ اخْتِلَاط عقل مركب من بكاء وَضحك سَاعَة بعد أُخْرَى فَهُوَ رَدِيء وَكَذَلِكَ إِذا كَانَ انتقالاً من ذَات الرئة لِأَنَّهُ يدلِّ على شدَّة حرارة الْخَلْط وَكَذَلِكَ لَو انْتقل إِلَى غير الْحَقِيقِيّ وَإِذا كَانَ عرض أَن دَامَ الثّقل فِي نواحي الرَّأْس والرئة ثمَّ عرض تشنّج وقيء زنجاري مَاتَ العليل فِي سَاعَته وأطول مهلته يَوْم أَو يَوْمَانِ إِن كَانَت الْقُوَّة قَوِيَّة وأرجى أَصْنَاف قرانيطس أَن يذكر العليل مَا كَانَ يهذي بِهِ بعد خفّ حمّاه وَإِذا عرض لَهُم هموريذوس كَانَ دَلِيلا مَحْمُودًا وَإِذا شخص المبرسم فتقيأ مرَارًا أَحْمَر وَهُوَ ضَعِيف فَإِنَّهُ يَمُوت فِي يَوْمه أَو قوي فَبعد يَوْمَيْنِ. وَمَا رُؤِيَ أحد بِهِ ورم فِي نواحي الدِّمَاغ يكون بَوْله مائياً فيخلص وَكَثِيرًا مَا ينْحل قرانيطس بالبواسير إِذا سَالَتْ وَقد يبرد وينتقل إِلَى ليثرغس وَرُبمَا تخلّص عَنهُ فأوقع فِي دق أَو جُنُون وَكَثِيرًا مَا ينْتَقل الْغَيْر الْحَقِيقِيّ إِلَى الْحَقِيقِيّ وقلما يتَخَلَّص الْمَشَايِخ من عِلّة قرانيطس. وَقد زعم بعض المتطببين أَنه رُبمَا عرض مرض شَبيه بقرانيطس من غير حمّى وَكَونه من غير حمّى دَلِيل على خلوّه من الورم. قَالَ: لكنه يكون شَدِيد القلق والتوثّب لَا يملك صَاحبه قراراً ويكاد يتسلّق الْحِيطَان ويشتد ضجره وغمه عطشه وضيق نَفسه وَإِذا شرب المَاء شَرق بِهِ وقذفه قيل: وَهُوَ قَاتل من يَوْمه فِي الْأَكْثَر وَرُبمَا امتدّ إِلَى أَرْبَعَة أَيَّام وَلنْ ينجو مِنْهُ أحد بل يعرض لَهُم أَن يسوّد وُجُوههم وألسنتهم وَتَكون أَعينهم جامدة وحالتهم كحالة الملهوفين ثمَّ تلين حركاتهم وَيسْقط نبضهم ويموتون وَأكْثر مَوْتهمْ بالاختناق وتراه يعدو ثمَّ ترَاهُ إِثْر ذَلِك قد سقط وَمَات. أَقُول: لَا يبعد أَن يكون السَّبَب فِي ذَلِك مُشَاركَة من الدِّمَاغ لعضو آخر كريم مثل عضل النَّفس إِذا عرض لَهُ تشنّج عَظِيم أَو فَسَاد آخر ينحو نَحْو الخناق ويتأدّى إِلَى الدِّمَاغ فيشوّشه ويفسده ويخلط الْعقل ويعطش بتجفيف نواحي الْحلق والصدر. أما علاماته الْمُشْتَركَة لأصنافه الْحَقِيقِيَّة فحمى لَازِمَة يابسة تشتدّ فِي الظهائر على الْأَكْثَر وهذيان يفرط تَارَة وَيَنْقَطِع أُخْرَى كَرَاهَة للْكَلَام وكسلاً عَنهُ ويختلط الْعقل وَأَكْثَره بِقرب الرَّابِع وعبث الْأَطْرَاف وَنَفس مُضْطَرب غير مُنْتَظم وَلكنه عَظِيم وامتداد من الشراسيف إِلَى فَوق كثيرا واختلاج أَعْضَاء مَعَه وَقَبله ينذر بِهِ وَرُبمَا كَانَ مَعَه نوم مُضْطَرب ينتبهون عَنهُ فيصيحون وَتارَة ينامون وَتارَة يسهرون وَيكون فِي الْأَكْثَر نومهم مضطرباً مشوّشاً مَعَ خيالات وأحلام فَاسِدَة هائلة وانتباه مشوّس مَعَ صياح

<<  <  ج: ص:  >  >>