لتقدم سهر أَو فكر أَو غير ذَلِك مِمَّا يجفف فيعدم الدِّمَاغ مَادَّة روح غريزية بِمِثْلِهَا يُمكن أَن يحفظ طَريقَة الْعقل. والكائن بِسَبَب عُضْو آخر أَو الْبدن فَذَلِك الْعُضْو هُوَ كالمعدة أَو فمها أَو المراق أَو الرَّحِم أَو الْبدن كُله كَمَا فِي الحميات. وكل ذَلِك إمّا لكيفية ساذجة تتأدّى إِلَيْهِ كَمَا يرْتَفع عَن الإصبع من الرجل وَمن الْيَد إِذا ورمت وَمن الْأَعْضَاء الْفَاسِدَة المزاج المتورِّمة وَإِمَّا من بخار حَار من مرّة أَو بلغم قد عفن واحتدّ. وَأسلم اخْتِلَاط الْعقل مَا كَانَ مَعَ ضحك وَمَا كَانَ مَعَ سُكُون وأردؤه مَا كَانَ مَعَ اضْطِرَاب وضجر وإقدام. العلامات: اعْلَم إِن كل من بِهِ وجع شَدِيد وَلَا يشكوه وَلَا يحسّ بِهِ فِيهِ اخْتِلَاط. وَالْبَوْل الذَّهَبِيّ قد يدلّ فِي الحميات على اخْتِلَاط الْعقل. أما الْكَائِن من السَّوْدَاء فَيكون مَعَ غموم وَظن شَيْء وَمَعَ عَلَامَات المالنخوليا الَّتِي نذكرها فِي بَابه وَإِن كَانَت السَّوْدَاء صفراوية كَانَ مَعَه سبعية وإقدام وَإِن كَانَ السَّوْدَاء دموية كَانَ هُنَاكَ طرب وَضحك مَعَ درور الْعُرُوق. وأمّا الْكَائِن عَن الصَّفْرَاء فَيكون مَعَ التهاب وحرارة وضجر وَسُوء خلق واضطراب شَدِيد وتخيّل نَار وشرار وحرقة آماق وصفرة لون والتهاب رَأس وامتداد جلد الْجَبْهَة وغؤور الْعَينَيْنِ ووثب إِلَى الْمُقَابلَة. وَالَّذِي من الْحَمْرَاء فَتكون هَذِه الْأَعْرَاض فِيهِ أشدّ وأصعب. وَمن هَذَا الْقَبِيل اخْتِلَاط الْعقل الَّذِي فِي الحميات وأكثرِ مَا يكون فِي الوبائيات. وَأما الْكَائِن من حرّ ويبس ساذج فَلَا يكون مَعَه ثقل وَلَا عَلَامَات الْموَاد الْمَذْكُورَة فِي القوانين وَفِي الْأَبْوَاب الْمُقدمَة. والكائن من بلغم قد عفن واحتد فَيعرض لأَصْحَابه أَن يكون بهم مَعَ الِاخْتِلَاط رزانة وَأَن يشيلوا حواجبهم بِأَيْدِيهِم كل وَقت وَأَن تثقل رؤوسهم ويسبتوا لجوهر الْبرد كَمَا تختلط عُقُولهمْ لعَارض الْحَرَارَة وَهَؤُلَاء لَا يفارقون مَا يمسكونه وَرُبمَا عرض لَهُم أَن يتوهموا أنفسهم دَوَاب وطيور. أَو بِالْجُمْلَةِ فَإِن اخْتِلَاط الْعقل إِذا عرض عَن حرارة يابسة فَإِنَّهُ يدل عَلَيْهِ السهر أَو عَن حرارة رطبَة من دم أَو بلغم عفن فَإِنَّهُ يدل عَلَيْهِ السبات. وَأما الَّذِي سَببه بخار متصاعد من عُضْو فَيعرف من حَال ذَلِك الْعُضْو الْأَلَم إِن كَانَ عضوا أَو الْبدن كُله إِن كَانَ شَامِلًا كَمَا فِي الحمّيات الْمُشْتَملَة وَيعرف هَل هُوَ ساذج أَو مَعَ مَادَّة أَو بخار فعلامات جَمِيع ذَلِك مَذْكُورَة فِي بَاب الصداع.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute