للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كَانَت وَلَا يتخيّلها وَيكون سَببه بِعَيْنِه سَبَب نُقْصَان الذّكر إِلَّا أَن فَسَاد الذّكر إِنَّمَا يكون أَكْثَره عَن الْبرد والرطوبة وَأقله عَن اليبوسة. وَالْأَمر هَهُنَا بِالْعَكْسِ وَلِأَن هَذِه الْآلَة خلقت ليّنة ليسرع انطباعها بِمَا تتخيّله وَتلك صلَة ليعسر تخليتها عَمَّا انطبع فِيهَا فالأمور تقع فِيهَا بالضد وَفَسَاد الذّكر يَقع فِي مَعَاني المحسوسات وبسبب تركيبها وَفَسَاد التخيّل يَقع فِي مثل المحسوسات وأشباحها. وَهَذَا يعلم من صناعَة أُخْرَى وأدل مَا يدل على أَن الْعلَّة من رُطُوبَة أَو يوبسة حَال النّوم والسهر وَحَال جفاف الْعين وَالْأنف ورطوبته وَحَال لون اللِّسَان ورطوبته أَو جفافه وَإِذا كَانَت الْعلَّة فَسَاد التخيل لَا نقصانه فَأَنت يُمكن أَن تتعرّف أَيْضا أَنه عَن سَوْدَاء أَو صفراء أَو مزاج حَار مُفْرد بِمَا قيل وَعرف وَأَن المعالجات فبحسب المعالجات فِي الْعِلَل الْمَاضِيَة إِلَّا أنَّ العلاج يجب أَن يكون فِي نَاحيَة مبادي الحسّ وَإِن احْتِيجَ إِلَى دلوك أَو وضع حجامة إِلَى مقدم الدما فاعمل حسب مَا تعلم. فصل فِي المانيا وداء الكَلْب تَفْسِير المانيا هُوَ الْجُنُون السبعي وَأما دَاء الكَلْب فَإِنَّهُ نوع مِنْهُ يكون مَعَ غضب مختلط بلعب وعبث وإيذاء مختلط باستعطاف كَمَا هُوَ من طبع الْكلاب وَاعْلَم أَن الْمَادَّة الفاعلة للجنون السبعي هُوَ من جَوْهَر الْمَادَّة الفاعلة للمالنخوليا لِأَن كليهمَا سوداويان إِلَّا أَن الْفَاعِل للجنون السبعي سَوْدَاء محترق عَن صفراء أَو عَن سَوْدَاء وَهُوَ أردأ. وَالْفَاعِل للمالنخوليا سَوْدَاء طبيعية كَثِيرَة أَو احتراقية وَلَكِن عَن بلغم أَو عَن دم عذب وقليلاً مَا يكون عَن بلغم محترق وجنون وَإِن كَانَ يكون عَنهُ المالنخوليا. وَأكْثر مَا يكون المالنخوليا إِنَّمَا يكون بِحُصُول الْمَادَّة السوداوية فِي الأوعية وَأكْثر مَا يكون المانيا إِنَّمَا يكون بحصولها فِي مقدم الدِّمَاغ وجوهره لأنّ وُصُوله إِلَى الدِّمَاغ كوصول مَادَّة قرانيطس وَيكون المالنخوليا مَعَ سوء ظن وفكر فَاسد وَخَوف وَسُكُون وَلَا يكون فِيهِ اضْطِرَاب شَدِيد. وَإِمَّا المانيا فكله اضْطِرَاب وتوثّب وعبث وسبعية وَنظر لَا يشبه نظر النَّاس بل أشبه شَيْء بِهِ نظر السبَاع وَيُفَارق صنفا من قرانيطس يُشبههُ فِي جُنُون صَاحبه بأنّ هَذِه الْعلَّة لَا يكون مَعهَا حمى فِي أَكثر الْأَمر وفرانيطس لَا يَخْلُو عَنْهَا وداء الْكَلْب هُوَ نوع من مانيا فِيهِ معاسرة شَدِيدَة ومصاعبة مَعَ مساعدة وموافقة مَعًا وَلَيْسَ فِيهِ من الِاعْتِقَاد السوء كل مَا فِي المانيا وَكَأَنَّهُ إِلَى الدموية أقرب. وَأكْثر مَا تعرض هَذِه الْعلَّة فِي الخريف لرداءة الأخلاط وَقد تكْثر فِي الرّبيع والصيف وَيكون لَهُ عِنْد هبوب الشمَال هيجان لتجفيف الشمَال وَهَذِه الْعلَّة كثيرا مَا يحلهَا البواسير والدوالي وَإِذا عرض عقيبها الاسْتِسْقَاء حَقّهَا برطوبته خُصُوصا إِن كَانَ سَببهَا حر الكبد ويبوستها وَكَثِيرًا مَا تحدث هَذِه الْعلَّة بمشاركة الْمعدة فيشفيه الْقَذْف.

<<  <  ج: ص:  >  >>