للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عكر دم طبيعي كَانَ الصرع مَعَ استرخاء وقلّة كَلَام وَمَعَ سُكُون وَيكون صَاحبه صَاحب أفكار سَاكِنة هادئة. فَإِن كَانَ السَّوْدَاء من جنس الصَّفْرَاء المحترق وَهُوَ الحريف فَإِن اخْتِلَاطه يكون جنونياً وَمَعَ كَثْرَة كَلَام وصياح وَيكون صرعه مضطرباً وخفيف الزَّوَال وَرُبمَا كَانَ مَعَ حمى وَلَا سِيمَا إِذا كَانَ سوداؤه رَقِيقا. وَإِن كَانَ عَن دم سَوْدَاء دموي كَانَ أَحْوَاله مَعَ ضحك وَأَنت تقدر على أَن تتعرف جَوْهَر السَّوْدَاء من الْقَيْء هَل هُوَ شَبيه بثقل الدَّم فَهُوَ سَوْدَاء طبيعي أَو شَبيه بثقل النَّبِيذ فَهُوَ سَوْدَاء محترق أَو خشن فَهُوَ عفص يخشن الْحلق وَيدل على غَايَة برده ويبسه أَو حامض رَقِيق مَعَ رغوة فَهُوَ يغلي على الأَرْض أَو غليظ لَا رغوة لَهُ. وَأما عَلامَة مِمَّا يكون سَببه الدَّم فَإنَّا فَقَوْل: أَن الدَّم إِن فعل الصرع بالغليان وَالْحَرَكَة دون الكمية لم يظْهر لَهُ كثير فعل فِي اللَّوْن والأوداج وَلَا حَال كالاختناق فِي أَوْقَات قبل الصرع وَلَكِن يظْهر مِنْهُ ثقل وبلادة واسترخاء وَكَثْرَة ريق ومخاط كَمَا يظْهر من البلغم وَلَكِن مَعَ حرارة وَحُمرَة فِي الْعين وبخار على الرَّأْس دموي فَإِن فعل بالكمية كَانَ مَعَ العلامات درور فِي الْأَوْدَاج وَتقدم حَال كالاختناق. وعلامة مَا كَانَ من الصرع بِسَبَب مَادَّة صفراوية وَذَلِكَ فِي الْأَقَل هُوَ أَن يكون التأذي وَالْكرب عَنهُ أَشد والتشنّج مَعَه أقل ومدته أقصر وَلَكِن الحركات تكون فِيهِ أَشد اضطراباً وَيدل عَلَيْهِ الْقَيْء والالتهاب وَشدَّة اخْتِلَاط الْعقل وصفرة اللَّوْن وَالْعين. وَأما مَا كَانَ سَببه من الْمعدة فعلامته اخْتِلَاج فِي فَم الْمعدة لاسيما عِنْد تَأَخّر الْغذَاء ورعدة وارتعاش واهتزاز عِنْد الصرع وصياح وخصوصاً فِي ابْتِدَاء الْأَخْذ وَيكون مَعَه انطلاق وبراز ودرور بَوْل وإمذاء وإمناء وخفقان وصداع شَدِيد. وخفة الصرع أَو زَوَاله بِاسْتِعْمَال الْقَيْء وأحوال تدل على فَسَاد الْمعدة وَزِيَادَة من الصرع ونقصان بِحَسب تلطخ الْمعدة ونقائها وَرُبمَا يقتل هَذَا بتواتر الأدوار فَمن ذَلِك أَن يفعل الْخَلْط الَّذِي فِيهَا بكثرته وَكَثْرَة بخاراته. وَهَذَا هُوَ الْخَلْط البلغمي فِي الْأَكْثَر وَرُبمَا خالطه غَيره فعلاماته أَن يعرض الصرع فِي أَوْقَات الامتلاء والتخمة ويخف عِنْد الخواء وَعند قُوَّة استطلاق الطبيعة بِالطَّعَامِ وَيكون على ترادف من التخم فَإِن كَانَ مَعَ ذَلِك مخالط الْمَادَّة صفراوية وجد عطشاً ولهيباً ولذعاً واحتراقاً. وَإِن كَانَ بعد ذَلِك سَوْدَاء كثرت شَهْوَته فِي أَكثر الْأَحْوَال وأحس بطعم حامض وتولد مِنْهُ الْفِكر والوسواس على أَن الدَّلَائِل البلغمية تكون أغلب وَمن ذَلِك أَن يفعل الْخَلْط الَّذِي فِيهِ بَرَاءَته لَا بكثرته فعلامته أَن يعرض الصرع فِي أَوْقَات الخواء ومصادفة الْمَادَّة فَم الْمعدة

<<  <  ج: ص:  >  >>