غذاءه الَّذِي هُوَ دون شبعه ثَلَاثَة أَقسَام فَيتَنَاوَل ثلثة غداء وثلثيه عشَاء بعد رياضة لَطِيفَة وَلَا يستكثروا من الْخمر فَإِنَّهَا شَدِيدَة الملء للدماغ ثمَّ إِن لم يكن بدّ من أَن يستعملوا من الشَّرَاب شَيْئا فقليل عَتيق مروّق إِلَى العفوصة. وأضرّ الْأَشْيَاء بهم الشّرْب عقيب الاستحمام وَأَيْضًا الْبرد المغافص بل يجب أَن يوقوا الرَّأْس ملاقاة كل حرّ مفرط أَو برد مفرط وَلَا يبطئوا فِي الحمّام وعَلى المصروع أَن يجْتَنب اللحوم الغليظة كلهَا والقوية الْغذَاء والسمك كُله بل لُحُوم جَمِيع ذَوَات الْأَرْبَع الْكِبَار ويقتصر على الفراريج والدراريج والطياهيج والعصافير الْأَهْلِيَّة والجبلية والقنابر والشفانين والجداء والغزلان والأرانب. وَقد قيل أَن لحم الْخِنْزِير الْبري شَدِيد النَّفْع لَهُ وَقد يمدح لَهُم لُحُوم الماعز لما فِيهَا من التجفيف وَقلة الترطيب كَمَا تكره لَهُم الحلاوات والدسومات وَنَحْوهَا ويجتنب الْبُقُول كلهَا وخصوصاً الكرفس فَإِن لَهُ خاصية فِي تَحْرِيك الصرع فَإِن كَانَ وَلَا بدّ فليستعمل الشاهترج والهندبا وَقد رخص لَهُم فِي الخس وَأَنا لَا أَحْمَده لَهُم كثير حمد وَكَذَلِكَ رخص لَهُم فِي الكزبرة لمنعها البخار من الرَّأْس وَأَنا أكرهها واستكثارها لَهُم إِلَّا فِي الدموي والصفراوي. وَأما السلق المسلوق فِي المَاء ثمَّ المصلح بالزيت والمري وَمَا يجْرِي مجْرَاه فَإِن قدم تنَاوله على الْغذَاء لتليين الطبيعة جَازَ والسذاب من جملَة الْبُقُول نَافِع برائحته شممّاً وَإِذا وَقع الشبث والسذاب فِي طعامهم كَانَ نَافِعًا. وَيجب أَن يجتنبوا الْفَوَاكِه الرّطبَة كلهَا وَجَمِيع الْفَوَاكِه الغليظة إِلَّا بعض القوابض على الطَّعَام بِقدر خَفِيف يسير جدا ليشدّ فَم الْمعدة ويحدر الْغذَاء ويلين الطبيعة وَيمْنَع البخار. وَيجب أَن يجْتَنب جَمِيع الأغذية الثَّقِيلَة الْجَارِيَة مجْرى اللفت والفجل والكرنب والجزر. وَيجب أَيْضا أَن يجتنبوا كل حريف مبخر. والخردل من جملَة مَا يؤذيهم بتبخيره وإرساله الفضول إِلَيْهِ وتوجيهه إِيَّاهَا نَحوه وبقرعه الدِّمَاغ لحرافته ويجتنبوا السكر ومهاب الرِّيَاح والامتلاء ويجتنبوا الِاغْتِسَال بِالْمَاءِ أصلا. أما الْحَار فَلَمَّا فِيهِ من الإرخاء وَأما الْبَارِد فبمَا يخدّر فيضرّ بِالروحِ الحاس فَإِن عرض للمصروع امتلاء من طَعَام قذفه ولطف التَّدْبِير بعده. وَيجب أَن يجْتَنب الأغذية الميبّسة المنقلة والمخدرة والمبخّرة. وَأما الشَّرَاب فَإِن الامتلاء مِنْهُ ضار جدا وَأما الْقَلِيل فَإِنَّهُ ينشط النَّفس وَيُقَوِّي الرّوح ويذكّيها ويغني عَن الاستكثار من المَاء فالاستكثار مِنْهُ أضرّ شَيْء والقيلولة الْكَبِيرَة وَبِالْجُمْلَةِ النّوم الْكثير ضار وخصوصاً على امتلاء كثير. والإفراط من السهر أَيْضا يضعف الرّوح ويحله وَمَعَ ذَلِك فَيمْلَأ الدِّمَاغ أبخرة. وَأول تَدْبِير الصراع اجْتِنَاب الْأَسْبَاب المحركة للصرع الَّتِي ذَكرنَاهَا. والسكون والهدوء أولى بِهِ. فَإِن احْتِيجَ إِلَى رياضة بعد الاستفراغ وتنقية الْبدن اللَّذين نذكرهما فَيجب أَن يسْتَعْمل لَا على الملء رياضة لَا تبلغ الإعياء ثمَّ يراح بعْدهَا ويجتهد فِي أَن يكون رَأسه منتصباً وَلَا يدلينه مَا أمكن وَلَا يحرّكنه كثيرا فيجذب إِلَيْهِ الْموَاد.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute