وخصوصاً مَا كَانَ فِيهِ دهنية أَو كَانَ دهناً وَإِذا اسْتعْملت شحوم السبَاع وإعكار الأدهان الحارة مثل عكر الزَّيْت وعكر دهن الكتّان كَانَ مُوَافقا لأمراض العصب الْبَارِدَة وملائماً لصلابته. ودهن الْقسْط ودهن الحندقوقي شَدِيد الِاخْتِصَاص بالأعصاب ثمَّ الأنطلة والعصارات بِحَسب الأمزجة وَلكنهَا تحْتَاج أَن تكون أقوى جدا وَأَن تبالغ فِي التَّدْبِير فِي تنفيذها بتحليل الْبدن وتفتيح المسام مُبَالغَة أشدّ. فصل فِي إصْلَاح مزاج العصب وَأكْثر مَا يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ من المبدّلات مَا يسخن مثل ضمّاد الْخَرْدَل والثافيسا وضمّاد الزَّيْت وَاسْتِعْمَال الزَّيْت الْمَطْبُوخ فِيهِ الثعالب الَّذِي نصفه فِي بَاب أوجاع المفاصل وَكَذَلِكَ الْمَطْبُوخ فِيهِ الضباع وينتفعون بالصمغ الصنوبري جدا. وَاعْلَم أَن أَكثر أمراض العصب يقْصد فِي علاجها فصد مُؤخر الدِّمَاغ إِلَّا مَا كَانَ فِي الْوَجْه ثمَّ بعد ذَلِك مبدأ العصب الَّذِي يُحَرك ذَلِك الْعُضْو الْمَرِيض عصبه. والعصب قد يضرّ بأَشْيَاء وَينْتَفع بأَشْيَاء قد ذكرنَا كثيرا مِنْهَا فِي أَلْوَاح الْأَدْوِيَة المفردة وَإِنَّمَا يعْتَبر ذَلِك فِي أَحْوَاله وأمراضه الَّتِي هِيَ أخص بِهِ. فالأشياء المقويّة للأعصاب من المشروبات الوج المربّى وجندبادستر ولب حب الصنوبر ودماغ الأرنب الْبري المشوي والاسطوخودوس خَاصَّة. والشربة مِنْهُ كل يَوْم وزن دِرْهَم محبباً أَو بشراب الْعَسَل. وأوفق الْمِيَاه لَهُم مَاء الْمَطَر وتنفعهم الرياضة المعتدلة والأدهان الحارة. والأشياء الضارة بالأعصاب الْجِمَاع الْكثير المفرط وَالنَّوْم على الامتلاء وَشرب المَاء الْبَارِد المثلوج وَالْكثير السكر وَالشرب الْكثير لشدَّة لذع الشَّرَاب ولاستحالته إِلَى الخلية فيبرد مَعَ ذَلِك ويضرهم كل حامض نافخ ومبرّد بِقُوَّة. والفصد الْكثير يضرهم وَنحن نُرِيد أَن نذْكر فِي هَذِه الْمقَالة مَا كَانَ من أمراض العصب مزاجياً أَو سددياً. وَأما أورامها وقروحها فَنحْن نؤخّرها إِلَى الْكتاب الرَّابِع الَّذِي يَتْلُو هَذَا الْكتاب. وَاعْلَم أَن المَاء الْبَارِد يضرّ بالعصب لما يعجز عَن هضم الرطوبات فِيهِ فينقلب فصل فِي الفالج والاسترخاء الفالج قد يُقَال قولا مُطلقًا وَقد يُقَال قولا مَخْصُوصًا محقّقاً فَأَما لَفْظَة الفالج على الْمَذْهَب الْمُطلق فقد تدلّ على مَا يدل عَلَيْهِ الاسترخاء فِي أَي عُضْو كَانَ وَأما الفالج الْمَخْصُوص فَهُوَ مَا كَانَ من الاسترخاء عَاما لأحد شقّي الْبدن طولا فَمِنْهُ مَا يكون فِي الشق الْمُبْتَدَأ من الرَّقَبَة وَيكون الْوَجْه وَالرَّأْس مَعَه صَحِيحا وَمِنْه مَا يسري فِي جَمِيع الشق من الرَّأْس إِلَى الْقدَم. ولغة الْعَرَب تدل بالفالج على هَذَا الْمَعْنى فَإِن الفلج قد يُشِير فِي لغتهم إِلَى شقّ وتنصيف وَإِذا أَخذ الفالج بِمَعْنى الاسترخاء مُطلقًا فقد يكون مِنْهُ مَا يعم الشقين جَمِيعًا سوى الْأَعْضَاء الرَّأْس الَّتِي لَو عَمها كَانَ سكتة كَمَا يكون مِنْهُ مَا يخْتَص بإصبع وَاحِد.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute