لَهُ الضَّرْبَة والصدمة أَو الَّذِي انْدفع إِلَيْهِ فضل من الشق الَّذِي يَلِيهِ من الدِّمَاغ وَلَا يَنْبَغِي أَن يتعجب من اخْتِصَاص الْعلَّة بشق دون شقّ فَإِن الطبيعة بِإِذن خَالِقهَا تَعَالَى قد تميز مَا هُوَ أدق من هَذَا وتذكر هَذَا من أصُول أعطيناك فِي الْكتاب الأول. وَاعْلَم أَنه كثيرا مَا تنْدَفع الْمَادَّة الرّطبَة إِلَى أَطْرَاف الْعلية حر على الْبدن أَو لحركة مغافصة من خوف أَو جزع أَو غضب أَو كدر أَو غم. وَاعْلَم أَنه إِذا كَانَت الآفة والمادة الَّتِي تفعل الفالج فِي شقّ من بطُون الدِّمَاغ عَم شقّ الْبدن كُله وشق الْوَجْه مَعَه أَو مجاريه كَانَت سكتة فَإِن كَانَت عِنْد منبع النخاع كَانَ الْبدن كُله مفلوجاً دون أَعْضَاء الْوَجْه وَرُبمَا وَقع فِي ذَلِك خدر فِي جلدَة الرَّأْس إِن امْتنع نُفُوذ الْحس لِأَن جلدَة الرَّأْس يَأْتِيهَا العصب الحاس من الْعُنُق كَمَا بَينا وَإِن كَانَ فِي شقّ من منبت النخاع عَم الشق كُله دون الْوَجْه وَإِن كَانَ نازلاً عَن المنبت مُسْتَغْرقا أَو فِي شقّ من استرخى وفلج مَا يَلِيهِ العصب مِنْهُ عَن الْأَعْضَاء وَإِن لم يكن من النخاع بل من العصب استرخى مَا يخص ذَلِك العصب إِن كَانَ فِي جلّ العصب أَو فِي نصفه أَو بعض مِنْهُ استرخى مَا يَتَحَرَّك بِمَا يَأْتِيهِ من ذَلِك المؤف بِسَبَب مَادَّة أَو انحلال فَرد أَو ورم. وَمن الفالج مَا يكون بحراناً للقولنج وَكَثِيرًا مَا يبْقى مَعَه الْحس لِأَن الْمَادَّة تكون مَعَه فِي أعصاب الْحَرَكَة دون الْحس. وَذكر بعض الْأَوَّلين أَن القولنج عَم بعض السنين فَقتل الْأَكْثَر وَمن نجا نجا بفالج مزمن أَصَابَهُ كَأَن الطبيعة نفضت تِلْكَ الْمَادَّة الَّتِي كَانَت تَأتي الأمعاء وردّتها إِلَى خَارج وَكَانَت أغْلظ من أَن تنفذ بالعرق فلحجت فِي الأعصاب وَفعلت الفالج. وَأكْثر مَا يَقع من هَذَا يكون مَعَ ثبات الحسّ بِحَالهِ. وَمن الفالج مَا يكون بُحراناً فِي الْأَمْرَاض الحادّة ستنتقل بِهِ الْمَادَّة إِلَى الأعصاب وَذَلِكَ إِذا لم تقو الطبيعة للسن أَو الضعْف على تَمام استفراغ فَبَقيت بواق من الْمَادَّة فِي نواحي الدِّمَاغ فَبَقيَ بعد الْمُنْتَهى صداع وَثقل رَأس ثمَّ دَفعته الطبيعة دفع ثقل لَا دفع استفراغ تَامّ فأحدثت فالجاً وَنَحْوه. وَأكْثر مَا يعرض الفالج يعرض فِي شدّة برد الشتَاء وَقد يعرض فِي الرّبيع لحركة الامتلاء وَقد يعرض فِي الْبِلَاد الجنوبية لمن بلغ خمسين سنة وَنَحْوه على سَبِيل نَوَازِل مندفعة من رُؤْسهمْ لِكَثْرَة مَا يمْلَأ المزاج الجنوبي الرَّأْس. ونبض المفلوج ضَعِيف بطيء متفاوت وَإِذا أنهكت العلّة الْقُوَّة ضعف النبض وتواتر وَوَقعت لَهُ نترات بِلَا نظام. وَالْبَوْل قد يكون فِيهِ على الْأَكْثَر أَبيض وَرُبمَا أَحْمَر جدا لضعف الكبد عَن تَمْيِيز الدَّم عَن المائية أَو ضعف الْعُرُوق عَن جذب الدَّم أَو لوجع رُبمَا كَانَ مَعَه أَو لمَرض آخر يقارنه وَقد يعرض أَن يكون الشقّ السَّلِيم من الفالج مشتعلاً كُله فِي نَار وَالْآخر المفلوج بَارِدًا كَأَنَّهُ ثلج وَيكون نبض الشقين مُخْتَلفا فَيكون نبض الشق الْبَارِد سَاقِطا إِلَى مَا توجبه أَحْكَام
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute