مُؤخر الدِّمَاغ وَلَا تعجّل بِاسْتِعْمَال الْأَدْوِيَة القوية فِي أول الْأَمر بل أخّر إِلَى الرَّابِع أَو السَّابِع فَإِن كَانَت الْعلَّة قَوِيَّة فَإلَى الرَّابِع عشر وَفِي هَذَا الْوَقْت فلتقتصر على أَشْيَاء لَطِيفَة مِمَّا يليّن وينضج ويسهّل. والحقن لَا بَأْس بهَا فِي هَذَا الْوَقْت ثمَّ بعد ذَلِك فاستفرغ بالمستفرغات القوية. وَأما تَدْبِير غذائهم فَإِنَّهُ يجب أَن تقتصر بالمفلوج فِي أول مَا يظْهر على مثل مَاء الشّعير وَمَاء الْعَسَل يَوْمَيْنِ أَو ثَلَاثَة فَإِن احتملت الْقُوَّة فَإلَى الرَّابِع عشر فَإِن لم تحْتَمل غذّيته بلحوم الطير الْخَفِيفَة واجتهد فِي تجويعه وإطعامه الأغذية الْيَابِسَة عَلَيْهِ ثمَّ تعطّشه تعطيشاً طَويلا وينفعهم الِانْتِقَال بلبّ حب الصنوبر الْكِبَار لخاصية فِيهِ. وَاعْلَم أَن المَاء خير لَهُم من الشَّرَاب فَإِن الشَّرَاب ينفذ الْموَاد إِلَى الأعصاب وَالْكثير مِنْهُ رُبمَا حمض فِي أبدانهم فَصَارَ خلا والخلّ أضرّ الْأَشْيَاء بالعصب. وَأما مَا كَانَ عَن التواء أَو انضغاط فتعالج بِمَا حددناه فِي بَاب الالتواء والانضغاط من بعد وَإِن كَانَ عَن سقطة أَو ضَرْبَة فعلاجه صَعب على أَنه على كل حَال يعالج بِأَن ينظر هَل أحدث ذَلِك الالتواء ورماً أَو جذب مَادَّة فتعالج كلا بواجبه وَيجب أَن تُوضَع الْأَدْوِيَة فِي علاج ذَلِك فِي أَي عرض كَانَ على مَوَاضِع الضَّرْبَة وعَلى المبدأ الَّذِي يخرج مِنْهُ العصب الْمُتَّجه إِلَى الْعُضْو المفلوج وَأما وضع الْأَدْوِيَة على الْعُضْو المفلوج نَفسه فمما لَا ينفع نفعا يُعتد بِهِ وَعَلَيْك بمنابت الأعصاب سَوَاء كَانَ الدَّوَاء مَقْصُودا بِهِ منع الورم أَو كَانَ مَقْصُودا بِهِ الإرخاء أَو كَانَ مَقْصُودا بِهِ التسخين وتبديل المزاج. وَرُبمَا احْتِيجَ أَن يوضع بِقرب الْعُضْو الْمَضْرُوب والمتورّم الْآخِذ فِي الانحلال محاجم تجنب الدَّم عَنهُ إِلَى جِهَة أَو إِلَى ظَاهر الْبدن. وَأما إِن كَانَت الْعلَّة هِيَ الفالج الْحَقِيقِيّ الْكَائِن لاسترخاء العصب فَالَّذِي يجب بعد التَّدْبِير الْمُشْتَرك هُوَ استفراغ مادته بِمَا ذَكرْنَاهُ ورسمناه وحمدناه فِي استفراغ الْموَاد الرقيقة بِعَيْنِه بِلَا زِيَادَة وَلَا نُقْصَان. وأنفع مَا يستفرغون بِهِ حبّ الفربيون والحبّ البيمارستاني وحبّ الشيطرج وَحب المنتن وأيارج هرمس والتنقية بالخربق الْأَبْيَض بِحَالهِ أَو بعصارة فجل فِيهِ قوّته وَكَذَلِكَ سَائِر المقيّئات نافعة لَهُ وَرُبمَا درج عَلَيْهِ فِي ذَلِك فيسقى الترياق من دانق دانق ثمَّ يزِيد يَسِيرا يَسِيرا وَلَا يُزَاد على الدِّرْهَم وَقد يخلط بسمسم مقشّر وسكر وَقد يتَنَاوَل السكنجبين بِحَالهِ والجاوشير بِحَالهِ والجندبادستر بِحَالهِ بشراب الْعَسَل. والشربة مِقْدَار باقلاة وَهِي نافعة لَهُم جدا. وَيجب أَن يحقنوا بالحقن القويّة ويحملوا الشيافات القوية وتمال موادهم إِلَى أَسْفَل وتمرخ فقارهم بالأدهان القويّة وينفعهم المروخات الحارة من الأدهان والضمادات المحمرة الَّتِي تكَرر ذكرهَا مرَارًا خُصُوصا إِذا بَطل الحسّ. وأصل السوسن من الْأَدْوِيَة الجيدة التحمير يحكّ تحكيكاً مروخياً وينفعهم
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute