الطاق الآخر وَهَذَا هُوَ الْأَعْلَى. وَأما الْأَسْفَل فَينْعَقد من الْأَجْزَاء العضلية والموضع الَّذِي فِي شقَّه خطر هُوَ مَا يَلِي موقه عِنْد مبدأ العضلة. فصل فِي تعرّف أَحْوَال الْعين وأمزجتها وَالْقَوْل الْكُلِّي فِي أمراضها يتعرف ذَلِك من ملمسها وَمن حركتها وَعَن عروقها وَمن لَوْنهَا وَمن شكلها وَمن قدرهَا وَمن فعلهَا الْخَاص وَحَال مَا يسيل مِنْهَا وَحَال انفعالاتها. فَأَما تعرف ذَلِك من ملمسها فَأن يُصِيبهَا اللَّمْس حارة أَو بَارِدَة أَو صلبة يابسة أَو لينَة رطبَة. وَأما تعرف ذَلِك من حركتها فَأن تتأمل هَل حركتها خَفِيفَة فتمد على حرارة أَو على يبوسة كَمَا يفصل ذَلِك ملمسها أم ثَقيلَة فتدل على برد ورطوبة. وَأما تعرف ذَلِك من عروقها فَأن تتعرف هَل هِيَ غَلِيظَة وَاسِعَة فَيدل ذَلِك على حَرَارَتهَا أم دقيقة خُفْيَة فَيدل ذَلِك على برودتها وَأَن تتعرف هَل هِيَ خَالِيَة فَيدل ذَلِك على يبوستها أم ممتلئة فيمل ذَلِك على كَثْرَة الْمَادَّة فِيهَا. وَأما تعرف ذَلِك من لَوْنهَا فَإِن كل لون يحل على الْخَلْط الْغَالِب الْمُنَاسب أَعنِي الْأَحْمَر والأصفر والرصاصي والكمد. وَأما تعرف ذَلِك من شكلها فَإِن حسن شكلها يدل على قوتها فِي الْخلقَة وَسُوء شكلها على ضد ذَلِك. وَأما حَال عظمها وصغرها فعلى حسب مَا قيل فِي الرَّأْس وَأما تعرّف ذَلِك من فعلهَا الْخَاص فَإِنَّهَا إِن كَانَت تبصر الْخَفي من بعيد وَمن قريب مَعًا وَلَا تتأذى بِمَا يرد عَلَيْهَا من المبصرات القوية فَهِيَ قَوِيَّة المزاج معتدلة وَإِن كَانَت ضَعِيفَة الإبصار وعَلى خلاف ذَلِك فَفِي مزاجها أَو خلقتها فَسَاد وَإِن كَانَت لَا تقصر فِي إِدْرَاك الْقَرِيب وَإِن دق وتقصر فِي إِدْرَاك الْبعيد فروحها صافٍ صَحِيح قَلِيل تَدعِي الْأَطِبَّاء أَنه لَا يَفِي للانتشار خَارِجا لرقته ويعنون بذلك الشعاع الَّذِي يَعْتَقِدُونَ أَنه من جملَة الرّوح وَأَنه يخرج فيلاقي المبصر وَإِن كَانَت لَا تقصر فِي إِدْرَاك الْبعيد فَإِن أدنى مِنْهَا الدَّقِيق لم تبصر وَإِن نحي عَنْهَا إِلَى قدر من الْبعد أبصرته فروحها كَبِير كدر غير صَاف لطيف بل رطب ومزاجها رطب تدّعي الْأَطِبَّاء أَنه لَا يرقّ وَلَا يصفو إِلَّا بالحركة المتباعدة. وَإِذا أمعن الشعاع فِي الْحَرَكَة رق ولطف وَإِن كَانَت تضعف فِي الْحَالين فروحها قَلِيل كدر وَأما تعرف ذَلِك من حَال مَا يسيل مِنْهَا فَإِنَّهَا إِن كَانَت جافة لَا ترمص الْبَتَّةَ فَهِيَ يابسة وَإِن كَانَت ترمص بإفراط فَهِيَ رطبَة جدا. وَأما من حَال انفعالاتها فَإِنَّهَا إِن كَانَت تتأذى من الْحر وتتشفى بالبرد فبها سوء مزاج حَار وَإِن كَانَت بالضد فبالضد. وَاعْلَم أَن الْوسط فِي كل وَاحِد من هَذِه الْأَنْوَاع معتدل إِلَّا المفرط فِي جودة الإبصار فَهُوَ المعتدل. وَالْعين يعرض لَهَا جَمِيع أَنْوَاع الْأَمْرَاض المادية والساذجة والتركيبية الآلية
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute