الْفَنّ الرَّابِع أَحْوَال الْأذن وَهُوَ مقَالَة وَاحِدَة: فصل فِي تشريح الْأذن اعْلَم أَن الْأذن عُضْو خلق للسمع وَجعل لَهُ صدف معوج ليحبس جَمِيع الصَّوْت وَيُوجب طنينه وثقب يَأْخُذ فِي الْعظم الحجري ملولب معوج ليَكُون تعويجه مطولا لمسافة الْهَوَاء إِلَى دَاخل مَعَ قصر تَحْتَهُ الَّذِي لَو جعل الثقب نَافِذا فِيهِ نفوذاً مُسْتَقِيمًا لقصرت الْمسَافَة وَإِنَّمَا دبر لتطويلِ الْمسَافَة إِلَيْهِ لِئَلَّا يغافص بَاطِنه الْحر وَالْبرد المفرطان بل يَرِدان عَلَيْهِ متدرجين إِلَيْهِ. وثقب الْأذن يُؤَدِّي إِلَى جوبة فِيهَا هَوَاء راكد وسطحها الْإِنْسِي مفروش بِلِيفٍ العصب السَّابِع الْوَارِد من الزَّوْج الْخَامِس من أَزوَاج العصب الدماغي وصلب فضل تصليب لِئَلَّا يكون ضَعِيفا منفعلاً عَن قرع الْهَوَاء وكيفيته. فَإِذا تأذى الموج الصوتي إِلَى مَا هُنَاكَ أدْركهُ السّمع. وَهَذِه الْعصبَة فِي أَحْوَال السّمع كالجليدية فِي أَحْوَال الْأَبْصَار. وَسَائِر أَعْضَاء الْأذن كَسَائِر مَا يطِيف بالجليدية من الطَّبَقَات والرطوبات الَّتِي خلقت لأجل الجليدية. ولتخدمها أَو تقيها أَو تعينها. والصماخ كالثقبة العنبية. وخلقت الْأذن غضروفية فَإِنَّهَا لَو خلقت لحمية أَو غشائية لم تحفظ شكل التقعير والتعريج الَّذِي فِيهَا وَلَو خلقت عظمية لتأذت ولآذت فِي كل صدمة بل جعلت غضروفية لَهَا مَعَ حفظ الشكل لين انعطاف وخلقت الْأذن فِي الْجَانِبَيْنِ لِأَن الْمُقدم كَانَ أوفق لِلْبَصَرِ كَمَا علمت فأشغل بِالْعينِ وخلقت تَحت قصاص الشّعْر فِي الْإِنْسَان لِئَلَّا تكون تَحت ستر الشّعْر وَستر اللبَاس. وَهَذَا الْعُضْو يعرض لَهُ أَصْنَاف الْأَمْرَاض وَرُبمَا كَانَت أوجاعها قاتلة وَكَثِيرًا مَا يعرض من أمراضها حمياتَ صعبة. فصل فِي حفظ صِحَة الْأذن يجب أَن يعتنى بالأذن فتوقى الْحر وَالْبرد والرياح والأشياء الغريبة المفرطة لِئَلَّا يدخلهَا شَيْء من الْمِيَاه والحيوانات وَأَن ينقى وسخها ثمَّ يجب أَن يدام تقطير دهن اللوز المر فِيهَا فِي كل أُسْبُوع مرّة فَإِنَّهُ عَجِيب. وَيجب أَن يُرَاعى لِئَلَّا يتولّد فِيهَا أورام وبثور وقروح. فَإِنَّهَا مفْسدَة للأذن. إِن خيف أَن يحدث بهَا بثور
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute