للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وتأمل قوله -صلى الله عليه وسلم-: «اللسان فيها أشد من وقع السيف» يقول القاضي عياض: «أي: وقعه وطعنه على تقدير مضاف، ويدل عليه رواية: (إشراف اللسان) أي: إطلاقه وإطالته أشد من وقع السيف، لأن السيف إذا ضرب به أثَّر في واحد، واللسان تضرب به في تلك الحالة ألف نسَمَة (١).

وقال القرطبي -رحمه الله -: (قوله: «اللسان فيها أشد من وقع السيف»: أي: بالكذب عند أئمة الجور، ونقل الأخبار إليهم، فربما ينشأ عن ذلك من النهب والقتل والجلد والمفاسد العظيمة أكثر مما ينشأ من وقوع الفتنة نفسها) (٢).

ومن الأحاديث التي أشارت إلى خطر الكلمة في الفتنة حديث أبي هريرة -رضي الله عنه - قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «ستكون فتنة صَمَّاءُ بَكْمَاءُ عَمْيَاءُ من أشرف لها اسْتَشْرَفَتْ له، وإشراف اللسان فيها كوقوع السيف» (٣).


(١) ينظر: تحفة الأحوذي (٦/ ٣٣٥).
(٢) التذكرة: (٢/ ٢٤٩).
(٣) رواه أبو داود في الفتن باب في كف اللسان في الفتنة: ٤/ ٤٦٠ رقم ٤٢٦٤، وأورده الحافظ ابن كثير في النهاية في الفتن: ١/ ٧٩ مستشهدًا به ولم يذكر فيه علة، وصححه السيوطي في الجامع الصغير: (٤/ ١٠١ مع الفيض) وانتقده المناوي في الفيض: ٤/ ١٠١، وقال المنذري في مختصر سنن أبي داود: ٦/ ١٤٨ (في إسناده عبد الرحمن بن البيلماني ولا يحتج بحديثه) وقال الحافظ عن عبد الرحمن بن البيلماني: ضعيف. تقريب التهذيب (رقم الترجمة: ٣٨١٩)، وضعفه الألباني في ضعيف أبي داود رقم (٩١٧) وضعيف الجامع رقم ٣٢٥٧.

<<  <   >  >>