للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لقد وصفت الفتنة بأوصاف أصحابها، أي: لا يُسمع فيها الحق ولا ينطق به، ولا يتضح الباطل عن الحق، فهم لا يميزون فيها بين الحق والباطل، ولا يسمعون النصيحة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، بل من تكلم فيها بحق أوذي ووقع في الفتن والمحن، ثم أخبر. -صلى الله عليه وسلم- أن: «من أشرف لها استشرفت له» أي: من اطلع ينظر إليها جرّته لنفسها، فالخلاص في التباعد منها، والهلاك في مقاربتها.

وأخبر -صلى الله عليه وسلم- أيضا أن: «إشراف اللسان فيها كوقوع السيف» أي: إطلاقه وإطالته بالكلام يعد كوقوع السيف في التأثير والمحاربة، وفي رواية: ((أشد من السيف)) (١).

قال ابن العربي: (وجه كونه أشد: أن السيف إذا ضرب ضربة واحدة مضت واللسان يضرب به في تلك الحالة الواحدة ألف نسمة، ثم هذا يحتمل أنه إخبار عما وقع من الحروب بين الصدر الأول، ويحتمل أنه سيكون وكيفما كان فإنه من معجزاته لأنه


(١) عون المعبود: ١١/ ٣٤٦، فيض القدير: ٤/ ١٠١.

<<  <   >  >>