الإسلام دخل إلى هذه الأرض الطيبة طوعًا واختيارًا, وما كان ثَمَّة إكراه لأحد على اعتناقه.
لكن يبقي بعد ذلك أن نقول: إن النظر إلى عامل واحد من هذه العوامل ظلمٌ للإسلام وظلم للتاريخ, فلا يستطيع دارس للإسلام فاقِهٌ له أن ينكر أثر العقيدة الإسلامية السهلة البسيطة في نفوس الناس، وما تحمله من توحيد يرقى بهم عن كل عبودية لبشر أو حجر، وما تفرضه من مساواة لا يتميز فيها الأبيض على الأسود، ولا الأحمر على الأصفر, ولا الشريف على الضعيف.
كذلك لا يستطيع مؤرِّخ أن يغفل دور التجار المسلمين، وقد كانت معاملاتهم وأخلاقهم خير سبيل للدعوة بين الناس، كما لا يستطيع مؤرِّخ منصف أن يسقط دور الدعاة المسلمين -ومن بينهم بعض الصوفيين الفاقهين- في نشر الإسلام، ولا يستطيع كذلك أن يسقط العوامل السياسية والاقتصادية التي ساعدت على نشر الإسلام.
فالعوامل السابقة مجتمعةً ساعدت على نشر الإسلام في هذا الجزء العزيز من وطن الإسلام, لكن يتقدمها في التاريخ وفي الأهمية دور التجار المسلمين، وهي إشارة هامة لرجال الدعوة الإسلامية المحدثين؛ ليجعلوا من أخلاقهم وسلوكهم ومعاملاتهم خير سبيل للدعوة بين الناس.