للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وبقي إصلاحها بين الحين والحين رهينًا بصحوة المسلمين، وبأن يقيِّض الله من يلي أمرها مِمَّن يقدِّرها حتَّى قدرها، وبقاء الشيء ولو ضعيفًا على احتمال قوته وصلاحه خير بلا شكٍّ من القضاء عليه، ولم يقل أحد: إن حلَّ مشكلة المرض تكون بقتل المريض والقضاء عليه، وما ينبغي لعاقل أن يقوله وما يستطيع.

- لكن حين آلت الخلافة إلى آل عثمان وحملوها أكثر من خمسمائة عام، وطرقوا بها أبواب فيينا, وأرهبوا اعداء الله في شرق وغرب، تجمَّع الأعداء وتآمروا, وراحوا يبحثون في أوربا "المسألة الشرقية", وكانت تعني -حينئذ- كيف يوقفوا المدَّ الإسلامي عن اجتياح ما بقي من أوربا.

فلمَّا وهنت قوة الدولة العثمانية طمع الأعداء فانتقلوا في بحث "المسألة الشرقية" إلى كيف يقضون على "الرجل المريض".

ومرَّ حادث إسقاط الخلافة الإسلامية بغير ردِّ الفعل الواجب.

صحيح أنَّ إخواننا مسلمي الهند حملوا وهم فقراء ما يملكون, إلى مَنْ قارف جريمة الإسقاط، وصحيح أن إخواننا في مصر تنادوا بقيام الخلافة ولو في غير تركيا، وأصدر العلماء بيانًا بذلك، لكنَّهم حين اجتمعوا لبحث الأمر انفضَّ المؤتمر بغير قرار، رغم رغبة الملك القائم في الوصول إلى قرار ظنًّا منه أنه سيكون هو الخليفة, لكن الاحتلال البريطاني الذي كان قائمًا في مصر متحكمًا فيها هو الذي حالَ دون صدور هذا القرار.

ولم يعد من ردِّ فعل بعد ذلك غير قصائد الرثاء, وما هطل بعد ذلك من دموع المسلمين١.


١ راجع في تفصيل ذلك: الاتجاهات الوطنية في أدبنا المعاصر, الدكتور محمد حسين. ونظام الخلافة في الفكر الإسلامي للدكتور مصطفى حلمي.

<<  <   >  >>