ومن ثَمَّ جرى الإعداد لذلك بأكثر من سبيل:
١- صناعة الزعيم:
وهي صناعة ابتدعها الغرب الصليبي؛ ليمتصَّ روح المقاومة لدى الشعوب الإسلامية, وليوفِّر على نفسه خسائر الأرواح والأموال، وليصل إلى تحقيق غرضه بأيسر طريق وأفضل وسيلة, دون خسارة عليه في الأرواح, وبأقل قدر من الأموال يشتري بها عشَّاق الزعامات.
إنَّ ما كان الغرب الصليبي يضحي من أجله بأرواح أبنائه وأموالهم، ويلقى المقاومة من جموع الشعوب إما دينيًّا أو وطنيًّا، راح ينفذ على يد الزعيم المصنوع بغير هذا ولا ذاك، بل على العكس بترحيب جموع الشعوب المخدوعة في زعيمها المصنوع.
وكانت أول تجربة لصناعة زعيم في المنطقة مصطفى كمال أتاتورك, حين جرى التخطيط لانسحاب الجيوش المحتلَّة لتركيا أمام جنوده، فبدا مصطفى كمال أنه القائد المظفَّر، ولم يستح أن يطلب لنفسه من البرلمان لقب "الغازي", ولم تضنّ عليه الجموع أن تقول: "يا خالد الترك جدِّد خالد العرب", ونجحت تجربة مصطفى كمال في أداء مهمة عجزت جيوش أوربا كلها عن أدائها، وهي تجربة إسقاط الخلافة الإسلامية, بما ترتَّب عليها من آثار سياسية خطيرة لا نزال نلمسها حتى اليوم بعد نصف قرن من الخيانة.
وأخرجت من بعد مصطفى كمال طبعات جديدة.
أخرجت مع التحسين الذي أشار إليه بعض كتابهم.
وفي ظل طبعتين جديدتين من مصطفى كمال أتاتورك جرى التمكين لدولة اليهود في فلسطين, وجرى توسيعها سبعة أمثال حجمها.
ثم جرى ما كانت تسعى إليه منذ قرن من الزمان -الحصول على شرعيِّة بوجودها من أصحاب الحق نفسه١.
١ يقول مايلزكوبلاند: "إن الهدف الرئيسي من دعمنا " ... " هو رغبتنا في توفير زعيم عربي رئيس, يتمتع بنفوذ قوي على شعبة، وعلى بقية العرب، له من القوة ما يمكِّنه أن يتخذ ما شاء من القرارات الخطيرة وغير المقبولة من الغوغاء, مثل: عقد صلح مع إسرائيل "لعبة الأمم ص٥٩، وراجع، ٦٣-٦٥ كذلك".