للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مناقبه وفتوحه فروت أنه ضرب في الشرق والغرب والبر والبحر. بتفاصيل نتجاوز عن ذكرها لعدم ثبوت شيء منها.

وشاركه في الحكم قبيل عام٢٧٠م ولده شمر يهرعش (الثالث) ثم انفرد بالحكم في حوالي ٢٩١ - ٣١٦، وتوافرت له شهرة أوسع من شهرة أبيه، واحتفظت له بعض الأساطير العربية بسمعة عريضة، فاعتبرته أعقل من حكم، وأطلقت عليه لقب تبع الأكبر، واعتبرته فاتحًا عظيمًا امتد حكمه في زعمها إلى أرض بابل وفارس وسمرقند وأرمينيا والصين والتبت ... إلخ. وعلى الرغم من وضوح عنصر التهويل فيما ادعته هذه الأساطير، فإنه يبدو أنها اعتمدت على نصيب متواضع من الواقع وضخمته باسم القومية في عصر نشطت فيه قوى خارجية من الفرس والروم والحبشة لتوجيه مصائر الأمة العربية.

فقد حاول شمر يهرعش الثالث أن يحقق الوحدة السياسية لجنوب شبه الجزيرة وأن يزيد من إمكاناته ويوسع من حدوده واتصالاته. فاستولت جيوشه على أجزاء متسعة من دولة حضرموت وتوابعها وإن لم يقض تمامًا عليها وبقيت تجاهد في سبيل البقاء لفترة قصيرة. وتغلبت جيوشه على أقاليم من تهامة واتسعت في وسط شبه الجزيرة وشمالًا في أرض سهرة وعك. وربما غزت سواحل الحبشة أو على الأقل ضيقت على مصالح الأحباش في تجارة البحر الأحمر، وبلغت اتصالاته الدبلوماسية إلى قطوسف وكوك ويحتمل وجودهما قرب المدائن بين العراق وفارس.

وفي نفس العهد الذي حقق فيه عرب الجنوب نهضتهم على يدي شمر يهرعش الثالث، كان لعرب الشمال نهضة أخرى لا تقل قيمة عنها على يدي امرئ القيس بن عمرز التنوخي المتوفى عام ٣٢٨م، وسوف نتناول تفاصيل نص امرئ القيس المشهور هذا فيما بعد، وتكفي الإشارة هنا إلى ما ذكره من أنه أحرز نجاحًا في حصار نجران مدينة شمر (يهرعش) أي الخاضعة له. وأنه شتت قبائل مذحج. وكان شمر يهرعش قد احتضن قبائل مذحج هذه، ومنها كندة، واستعان بها في مهاجمة مناطق التنوخيين قوم منافسه امرئ القيس أو أنصاره على الخليج العربي، كما وجه نشاطه من صعدة إلى أرض مالك بن كعب ملك أزد السراة.

وشجعت هذه الانتصارات المتوالية شمر يهرعش الثالث على أن يزيد في ألقاب ملكيته ألقابًا أخرى، فاتخذ لقب ملك سبأ وذوريدان وحضر موت ويمنة حول أواخر القرن الثالث الميلادي، وكانت يمنة (أو يمانة) فيما يحتمل وأشرنا من قبل هي الجزء الجنوبي من دولة حضرموت. وكان الرجل مصلحًا إلى جانب

<<  <   >  >>