للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والتفت الدولتان الكبيرتان دولة الروم ودولة الفرس إلى هذا المجال لصالحهما، وكانت كل منهما قد فرغت من مشكلاتها التي شغلتها في أغلب القرن الخامس الميلادي حين تدفقت هجرات الهون على أملاك فارس، وتدفقت هجرات الجرمان على أملاك بيزنطة.

وبدأ الإمبراطور البيزنطي بمحاولة استغلال رؤساء مسيحي الحبشة واليمن.

وقيل: إنه طلب من نجاشي الحبشة ومن والي اليمن أن يجعلا قضية المسيحيين قضية واحدة وأن يتعاونا مع دولته في التضييق على الفرس. وأوصى الحاكم اليمني على شيخ عربي قصد بلاطه يدعى قيس أويلي زعامة قبيلة قيس وأن يجعله رئيسًا على قبائل معد وأن يتعاون معه على مهاجنة مصالح الفرس، ولكن يبدو أن أحدًا من هؤلالم يستجب له.

وسواء مات الوالي سميفع ميتة طبيعية أم قتل، فقد عمل الأحباش على أن يحكموا بلاد اليمن بعده حكمًا مباشرًا بعد أن رضخ أهلها لحكم الواقع. فعينوا عليها حاكمًا حبشيًا لعله كان القائد الأعلى لجيش الاحتلال، ولكن قائدًا من أعوانه مالبث حتى انقلب عليه واغتصب مكانه في ولاية اليمن، وهو الوالي الذي ذكرته المصادر العربية باسم أبرهة أو إل إبرهة. وحاول النجاشي إقصاءه ففشل، وعندما خلفه نجاشي آخر أرضاه أبرهة فأقره على ولاية ملك سبأ العريض تحت طاعته. وهنا انتحل أبرهة فأقره على ولاية ملك سبأ العريض تحت طاعته. وهنا انتحل أبرهة اللقب السبأي الضخم ملك سبأ وذوريدان وحضرموت وأعرابها في الجبل وتهامة، مع اعترافه بنيابته أو تبعته لسيدة ملك الجعزيين رمحس زبيمان ويبدو أن رمحس أو رماحس هذه تعني الشجاع. كما كان زبيمن لقبًا من ألقاب الحكام في الحبشة.

واتخذ أبرهة صنعاء عاصمة. وشيدت فيها خلال عهده كنيسة ضخمة ذكرها الإخباريون باسم القليس تحريفًا عن كلمة Eccleststic بمعنى المجمع الكنسي. وشيدت كنيسة ضخمة أخرى في مأرب. وروت المصادر العربية أن نفائس المعابد القديمة ومجهودات اليمنيين قد سخرت من أجل إخراج هاتين الكنيستين في فخامة كبيرة.

ويبدو أن عرب الجنوب لم يسلموا بحكم أبرهة بسهولة، إذ تحدثت بعض نصوصه عن انقلاب والي كندة يزيد بن كبشة ضده وتعاونه مع أبناء سميفع أشوع الوالي السابق وعدد من بقايا الأسر النبيلة القديمة وبعض قبائلهم ومنها قبيلة يزن التي انتسب إليها فيما بعد سيف بن ذي يزن. وهزم أبرهة بجيشه هؤلاء الأحلاف بعد جهد جهيد. ثم سنحت له فرصته لكي يظهر بمظهر الحاكم المصلح. فقد زاد تصدع سد مأرب بعد فترات الإهمال والاضطراب المتعاقبة. فعمل على

<<  <   >  >>