بقيادة جيشهما المشترك ضد الآشوريين، ولكن حلفهما فشل في أداء مهمته، على الأقل في حدود ماروته المصادر الآشورية، وفرت الملكة إلى أداوماتو (دومة؟) فلحقت بها القوات الآشورية على الرغم من وعورة الطريق وضيقت الحصار عليها حتى أسرتها هي أو الملكة أبكالاتو كما أسرت ابنتها تبؤة، واستولت على تماثيل معبوداتها، ويبدو أنه فت في عضد الملكة أنه نشب خلاف بينها وبين حليفها حزائيل عقب هزيمتها الأولى أو خلال حصار أداوماتو، فخرج إلى قلب البادية ونجا نفسه مؤقتًا وعز على الجند الآشوريين أن يتعقبوه وإن كانوا قد دمروا بلده، واستولوا على تماثيل بعض معبوداته.
ولعله كان من جراء طول المقاومة والرغبة في إعادة السلام إلى الطرق التجارية أن اتبع البلاط الآشوري سياسة المهادنة، فتعهد الأميرة العربية الصغيرة تبؤة بالتربية والرعاية رغبة في أن تشب وفية مخلصة للملكية الآشورية وعندما بلغت سنًا مناسبة اعترف بها ملكة على قومها.
وربطت النصوص الآشورية بين ملكة عربية أخرى وبين إيا إيلو بن حزائيل ملك قيدار كحليفة له ضمن ملوك صغار آخرين، وذكرت هذه الملكة باسم بائيلو ملكة أخيلو. واعتبر اللغوي إذوارد جلازر اسم بائيلو تحريفًا عن الاسم العربي باهلة، كما قرب اسم أخيلو إلى اسم ديار أخلة أو أجلة في منطقة الخرج في نجد. وبرر رأيه بما روته المصادر المتأخرة عن سكنى قبيلة باهلة التي يشبه اسمها اسم الملكة القديمة في هذه الديار، ولكن لازال رأيه هذا في مرحلة الفروض.
ب) في العصر البابلي الأخير:
عندما ورثت الدولة البابلية الكلدانية مناطق النفوذ الآشوري في الشرق الأدنى كان من الطبيعي أن تتجدد العلاقات الاقتصادية السلمية أو المناوشات الحربية بينها وبين الإمارات العربية التي تحف بهذه المناطق، لولا أن النصوص البابليةلم تسجل شيئًا كثيرًا عن هذه العلاقات حربًا كانت أم سلمًا، إلى جانب الحقيقة الأخرى المتوقعة وهي أن العرب بدورهم لم يعثر لهم على نصوص تتحدث عن أحوالهم معها.
وظل الحال على هذا الغموض حتى اشتد التنافس بين دولة بابل وبين دولة الفرس. ومالت أحوال بابل إلى التدهور، فحاول آخر ملوكها نابونهيد أن يجرب حظه مع المناطق العربية عله يسترجع بها بعض مجده الذاهب فغزا جنوب الشام حتى إدوم وغزة، ثم أناب عنه على عرش بابل ولي عهده، ولأمر ما اتجه إلى واحة تيماء، ربما ليحيي أهميتها الاقتصادية على الطريق التجاري الرئيسي بين