وقحطان ومعد. كما ازدهرت مكة ويثرب، وانتعشت مواني الشعيبة والجار والوجه والحوراء وآملج على البحر الأحمر، وجرها وأقطار دلمون وماجان وملوخا على الخليج العربي.
وربما قامت إلى جانب ذلك تجمعات قبلية أخرى في قلب الصحراء لم تكتشف آثارها بعد. وأخيرًا قامت على الأطراف الشرقية والشمالية الغربية. دولة المناذرة، ودولة الغساسنة، حتى ظهر الإسلام وجعل من شبه الجزيرة العربية دولة كبيرة واحدة.
ولم يقتصر نشاط العرب القدماء على أرضهم، وإنما خرجت جاليات منهم إلى جزيرة سوقطرة وساحل الصومال وشاطئ الحبشة وميناء رهابتا قرب دار السلام في شرق أفريقيا. وذلك بطبيعة الحال إلى جانب هجراتهم الشعوبية الكبيرة التى استوطنت في بعض أراضي الهلال الخصيب على فترات متباعدة لا سيما في مناطق الأطراف الواصلة بينها وبين البوادي القريبة منها.
وسوف يعترضنا خلال البحث التفصيلي للدول والإمارات العربية القديمة كثير من الجدل حول تحديد بداياتها الزمنية. وترتب هذا الجدل على أن كتبة تلك الدول والإمارات لم يسجلوا أحداثها بتاريخ ثابت إلا في عهود متأخرة. ولم يسجلوا سنوات حكم ملوكهم إلا في عهود متأخرة أيضًا. ولم تعرف لهم حتى الآن قوائم ترتب أسماء حكمهم واحدًا بعد الآخر. وذلك بحيث أنه لا يتيسر تحديد عهد حاكم منهم تحديدًا قاطعًا إلا إذا ورد اسمه أو مايدل عليه في نص خارجي معاصر له، من النصوص المسمارية، والمصادر المصرية والشامية والإغريقية والرومانية، أو إذا كان عهده من العهود المتأخرة التى استخدم بعض العرب فيها التاريخ الثابت، حين عرفوه على أطراف الشام بعد عام ٣١٢ق. م.، وعرفوه في سبأ وحمير في عام ما بين ١١٥ وبين ١٠٩ ق. م. واستخدموه في دولة الأنباط في عام ١٠٦ بعد الميلاد.