عاشرًا: أنها عبرت عن التشديد أحيانًا بتكرار الحرف المراد تشديده، ولم تتضمن ما يعبر صراحة عن صيغة الاستفهام وما يشبهها.
وتعددت آراء اللغويين في تعليل تسمية كتابة المسند وأقرب هذه الآراء إلى الاحتمال رأين وهما:
أولًا: أن العرب الجنوبيين كانوا يستخدمون كلمة مسند بمعنى الكتابة على الإطلاق. ويزكي هذا الفرض أن بعض الأوامر الملكية القديمة كانت تبدأ عندهم بعبارة: سطرو ذن مسندن، أى: سطروا أو أكتبوا هذه الكتابة.
ثانيًا: أن الفواصل القائمة بين كل كلمة وأخرى في هذه الكتابة، قد أوحت إلى أهلها، أو أوحت إلى المؤرخين المسلمين، بتسمية خطهم باسم الخط المسند، على اعتبار أن كل كلمة فيه تكاد تستند على الخط القائم الذي يسبقها والخط القائم الذي يليها.
أسلفنا أن بعض الدول والجماعات العربية الشمالية كتبت بالخط المسند، نتيجة لظروف واتصالات نتعرض لها فيما بعد، وأهمها دولة ددان أو لحيان التى قامت حاضراتها في واحة العلا الحالية. وكانت حروفها أقرب الحروف الشمالية شبهًا بحروف المسند الجنوبية، مع تعديلات طفيفة فيها. ثم جماعات الثموديين الذين تعددت مناطقهم في شمال الحجاز وشمال نجد وغيرهما من مناطق شبه الجزيرة وخارجها، وقد كتبوا نصوصهم الرأسية بخط تقيدوا فيه بأشكال حروف المسند التقليدية في النصوص الرئيسية، وخط آخر اشتقوا أشكال حروفه من أشكال المسند أيضًا ولكنهم حوروا فيها تحويرًا ملحوظًا وغالبًا ما استخدموه في النصوص الموجزة والمخربشات. أما المنطقة الثالثة التى أخذت بكتابة المسند فقد انتشرت نصوصها أساسًا بين جبل سيس شرقي دمشق وبين قلعة الزرقا إلى الشمال الشرقي من عمان (وعلى سفوح جبل حوران إلى الجنوب الشرقي من دمشق). وسميت كتابتها اصطلاحًا باسم الكتابة الصفوية، مع أن أقدم نصوصها وجدت في الحرة وليس في الصفا، ولكن كثرة الحرار واتقاء اللبس بينها دعيا إلى نسبتها تجاوزًا إلى الصفا. وقد حور كتبتها في رسم حروفها عن حروف المسند أكثر مما فعل غيرهم.
ولم ينتشر الخط المسند القديم في هذه المناطق العربية وحدها، وإنما وجد سبيله كذلك إلى منطقة أكسوم الحبشية حيث كتب به الجعزيون (وهم الأحرار من نصوصهم بين اللغة الأفريقية المحلية وبين اللغة العربية الجنوبية. ويرى بعض اللغويين أن تسميات الحروف وترتيبها فيما احتفظت به الأبجدية الحبشية قد تلقى