شمريهرعش في حوالي عام ٣٢٥م. ثم جدد المبنى كله أو دعم في عهد الملك شرحبيل يعفور في عام ٤٤٩م. كما أعيد إصلاح صدع فيه في العام التالي أي عام ٤٥٠م.
وتمت آخر إصلاحات السد في عهد أبرهة ملك سبأ حوالي عام ٥٤٣م وبذلت فيه حينذاك جهود ضخمة، بحيث ذكرت نصوص أبرهة أن رجاله قضوا في ترميم السد أحد عشر شهرا، واستهلكوا ٥٠٨٠٦ غرارة من الدقيق، و٢٦٠٠٠ حمل من التمر، و٣٠٠٠ بعير وثور، و٢٠٧ رأس من الغنم، وعلى الرغم من قيام ثورة ضده حينذاك في منطقة مأرب وتفشي الوباء فيها، إلا أنه أقام حفلًا كبيرًا بمناسبة انتهاء العمل في إصلاح السد. حضره وفد من الحبشة، ووفد من فارس، ووفد من بيزنطة. ووفدان من الحيرة وغسان.
وعلى أية حال فقد استطاع السبئيون على امتداد عصور اهتمامهم بسد مأرب أن يتموا مشروعًا كبيرًا حق لهم أن يفخروا به بين المشاريع المائية الأخرى في العالم القديم. وهي مشاريع كان من أقدم ما يمكن ترجيحه منها حتى الآن مشروع سد اللاهون في مصر الذى شيد في أوائل القرن الثامن عشر ق. م. لتوجيه جانب من فيضانات النيل إلى منخفض الفيوم لرفع مستوى الماء فيه حتى تنتفع به أكبر مساحة ممكنة من أراضي المدرجات الخصبة التى تحيط به. ثم الانتفاع ببعض مياهه لري الأراضي القريبة منها في غير أوقات الفيضان. وربما سبق مشروع هذا السد سد آخر في منطقة الجيزة بمصر أيضًا أقيم حوالي القرن السادس والعشرين ق. م. ولكن استخدامه لم يعمر.
وظل سد مأرب يؤدي أغراضه حتى نهاية عهد أبرهة في عام ٥٧١م أي بعد عهد بداية إنشائه بأكثر من أحد عشر قرنًا. ثم انهار أغلبه عام ٥٧٥م بما وصفه القرآن الكريم ووصف نتائجه في قوله:{فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَى أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ، ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي إِلاَّ الْكَفُورَ، وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيهَا لَيَالِي وَأَيَّامًا آمِنِينَ، فَقَالُوا رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا وَظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ}[سورة سبأ الآيات ١٥ - ١٨].
وأقام السبئيون سدودًا أخرى محلية في عهود متفرقة في المناطق التى تصلها مياه السيول بعيدًا عن منطقة مأرب. ومنها سد يعرف باسم مبنى الحشرج لتنظم مياه وادي السيلة، ويتكون من ثلاثة جدران ضخمة يقال إن كلًا منها يمتد ما بين١٥٠ - ١٨٠ مترًا، وتوجد فتحات كثيرة طويلة بينها، وعثر جلاسر على