للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عشر نقوش على صخورها.

ولم تغن السدود السبأيين عن دعوات الاستسقاء وطلب رحمة السماء من حين إلى حين. وتخلف من نصوصهم القديمة التى وجههوها إلى معبوده عثتر ذبيان، وقال في نهايته: وسقى خرف ودثا سبأ وجوم شبعم، أي: وسقى الرب خريفًا وربيعًا سبأ وجومًا سقاية مشبعة.

واختلف اللغوين في تفسير كلمة جوم في هذا النص، ففسرها بعضهم بمعنى الشعب أو بمعنى الحلف، وفسرها بعض آخر بمعنى النهر أو معنى السهل، وفسرها بعض ثالث بأنها تعني الأراضى المنخفضة من تهامة اليمن.

التوسع الحربي:

غالبًا ما تترتب على المشروعات الداخلية الكبيرة في الدول الفتية الناشئة مطالب ونتائج متنوعة يعبر الحكام عنها ويتولون رسم سياستها باسم شعبهم. فهي من ناحية تستدعي توفير الأمن لتنفيذها، وتستدعي العمل على تغظية نفقاتها سواء من موارد داخلية أو خارجية، كما تستدعي في الوقت نفسه العمل على حمايتها من الأخطار المتوقعة الداخلية منها أو الخارجية أيضًا. فإذا تم تنفيذ هذه المشروعات وآتت ثمارها وزاد الدخل القومي منها غالبًا ما يرتفع شأن أصحابها في نظر أنفسهم ونظر شعبهم، وهنا إما أن تشجعهم شهرتهم على أن يستزيدوا من الرفاهة لأنفسهم ويخلدوا إلى النعيم. وإما أن تشجعهم على أن يستزيدوا من قوتهم العسكرية والسياسية ليزيدوا لأنفسهم عن طريقها ما يعتقدون أنهم يستحقونه من المجد والشهرة.

ومرت دولة سبأ بأمثال هذه الملابسات والظروف حين مهدت لمشروعات الري الكبرى فيها وحين أتمتها. فقبيل البدء في مشروع سد مأرب عملت دولة سبأ على الاستزادة من موارد اقتصادية جديدة ولو على حساب جيرانها، كما أخذت تؤمن نفسها منهم. وكان أقرب هؤلاء الجيران غليها: دولة معين في شمالها ودولة أوسان في جنوبها الغربي. وكانت الأولى تنافسها فيما تأتي به تجارة البر. وكانت الثانية تنافسها فيما تأتي به تجارة البحر، وبدأت دولة سبأ منذ عهد المكرب يدع إيل بيين الذي يؤرخ أصحاب التاريخ المختصر عهده ببداية القرن السادس ق. م. تقص أطراف دولة معين القريبة منها. ويفهم من نصوصه أنه عمل على تسوير مدن الحدود وتقوية أبراجها ليتخذها جيشه مراكز دفاعية أو هجومية في الوقت المناسب. ويحتمل من نفس النصوص أن مدنًا حدودية معينية

<<  <   >  >>