الأصل دخلت فعلًا في حوزة دولته مثل نشق ودابر (في جنوب منطقة الجوف). ثم أعاد رجاله تحصينها لنفس الأغراض الدفاعية والهجومية السابقة.
وجرى خلفاء هذا المكرب على سياسته وعملوا على توسيع المدن الحدودية ومنها المدن المعينية التي دخلت في طاعة دولتهم. وأسكنوا فيها جماعات من السبأيين لينتفعوا بها. ويكونوا رقباء على أهلها. وسندًا لدولتهم فيها. وكان من ذلك أن زيد اتساع مدينة نشق ٦٠ شوحطا في عهد المكرب كرب إيل بيين (في حوالي عام ٥٦٠ق. م.) ثم زاد اتساعها مرة أخرى وأصلح ما حولها وأوقفت على مصلحة السبأيين في عهد ولده ذمر عالي وتر (منذ حوالي عام ٥٣٥ ق. م.).
وانتفعت الدولة بحالة الأمن والرخاء التى وفرتها هذه الإنجازات وأمثالها فمضت في تنفيذ مشروع سد مأرب الكبير. وما أن تم تنفيذ مراحله في عهد يثع أمر بيين حتى التفتت إلى توسيع الحدود وإرهاب الجيران مرة أخرى. فقد واصل هذا المكرب العمل على تسوير المدن وتجديد الحصون وروت نصوص عهده أنه هاجم (والأصح أن جيشه هاجم) مدن معين حتى منطقة نجران. ودمر بعضها وأحرق قراها وقتل منها الألوف وسبى الألوف. وروت نفس النصوص أنه (أو جيشه) اندار على دولة قتبان التي تجاور دولته من الجنوب وأنزل بمدنها دمارًا مماثلًا. ويلاحظ هنا أننا وإن سلمنا باتجاه النشاط الحربي لدولة سبأ إلى هذه الاتجاهات إلا أننا حرصنا على أن نقول وروت نصوص الملك السبأي كذا أو ادعت كذا للإشارة إلى أننا غير ملزمين بالضرورة بأن نسلم بحرفية ما ورد فيها عن ألوف القتلى وألوف الأسرى وتوالي الانتصارات دائمًا لصالح أصحابها. ذلك أن المبالغات في تقارير الحروب أمر مألوف في العصور القديمة بل والعصور الحديثة أيضًا. وهو ما سنضعه دائمًا في الحسبان في مناسبات أخرى تالية.
وبعد جيلين أن نحوهما نشطت سبأ إلى حرب توسعية أخرى في عهد أخر مكربيها كرب إيل وتر (الثاني). وكان داهية في الحرب والسياسية. ويفهم من نصوص عهده أنه هادن دولة قتبان ودولة حضرموت ليتفرغ لحربه مع دولة معين. وضمن حيادهما مرة أخرى ليحمي ظهره في حربه مع دولة أو سان. وبدأ فاتجه بأطماعه إلى دولة معين ليستغل ما أنزلته الجيوش السبأية من قبل في نفوس أهل مدنها من الرعب وما صاروا إليه على أيامه من تفرق الكلمة وما لجأ إليه بعض أمرائهم من إعلان استقلالهم الذاتي عن جسم دولتهم، وهاجمها ببعض جيوشه. وعندما اتجه إلى دولة أوسان استمال إليه بعض حلفائها وأبتاعها ليضعفها ويحرمها من معونتهم. ثم انحط عليها بقواته. وهكذا أخذت الجيوش السبأية