للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

درجان (أحدهما من ناحية الجنوب والآخر من ناحية الشرق)، وتضمن في مدخله صفوفًا من المناضد الحجرية، مما دفع بمكتشفه إلى أن يفترض أنه كان يمثل دار محكمة مركزًا للشرطة أو نحوه.

ومن أهم الدور الخاصة التي أشرنا إلى الكشف عنها قرب بوابة المدينة مبنيان متصلان سمي أقدمهما بيت يفش، وسمي الآخر بيت يافع أو يفعم، واتصل به بطريق يؤدي إلى فناء، وكنموذج للمباني الثرية في تمنع لا بأس من تقديم وصف مفصل لبيت يفش. فقد تألف من طابقين: طابق أرضي ذي صفات أو بواكي مسقوفة، وعدة غرف تقوم بدور مصانع خاصة صغيرة، ثم طابق علوي تضمن شرفات ومقصورة مباخر ومخزنين للبخور. ويستنتج من ستة نصوص تعلقت به أنه شيد في أواخر القرن الثاني ق. م. (كما يعتقد ألبرايت) ثم اشتراه وجدده رجل من أثرياء العاصمة يدعى هوفعم بن ثونب في بداية القرن الأول ق. م. ووقفه باسمه (وربما باسمه مع اثنين من أسرته مرة أخرى؟) على كبار معبودات قتبان: أنباي، وإيل تعلاي، وعثتر، وعم، وذات سنتم، وذات ظهران، وورفو. وبقيت بين أطلال هذا المبنى ثلاث غرف في حالة طيبة بحيث عثر في داخلها على صناديق للبخور ومرايا برونزية وما شابهها.

وأمتع ما عثر عليه بجوار جداره الجنوبي المواجه لبوابة العاصمة تمثالان من البرونز (ارتفاع كل منهما٦١ سم وطوله ٧٠سم) ولا يعرف إن كان في الأصل متجاورين أو متقابلين. ويمثل كل منهما لبؤة بكفل أسد ترفع إحدى ساقيها الأماميتين، ويعتليها غلام عار يمسك قوسًا بيمناه ويقبض بيسراه على حلقة لسلسلة كانت تنتهي بطوق يحيط بعنق اللبؤة، ولعله كان يسمك أيضًا بسوط أو نحوه. والغلامان توأمان مع اختلاف يسير بينهما في الملامح، ويعتبر التمثالان من أروع القطع الفنية التى احتفظت بها مناطق الجنوب العربي حتى الآن والتى تزكي ما رواه استرابون في القرن الأول ق. م. عن مهارة العرب الجنوبيين في الصناعات المعدنية. وسجل على قاعدة أحد التمثالين اسما الفنانين ثويب وولده عقرب (حرفيًا: ثويبم وعقربم) اللذين قاما بزخرفة الدار وقلدا بالتمثالين نموذجًا من الفن الهيلينستي السكندري فنجحا في عملية التقليد إلى حد ملحوظ وإن ظل تشكيلهما أقل إتقانًا من الأصول الهيلينستية المماثلة لهما والتي وجد بعضها في منف في مصر. وإلى جانب الهدف الزخرفي في هذه المجموعة الفنية افترض بعض الباحثين أنها رمزت إلى معنى ميثولوجي (أي ديني أسطوري). وفي تحديد هذا المعنى آراء شتى، ومنها ما يرى أن اللبؤتين ترمزان إلى شمس الشتاء وشمس الصيف، وأن راكباهما التوأمين يمثلان عثتر نجم الشعرى ابن القمر، كما

<<  <   >  >>