معين وأوسان (قبل عام ٤٣٠ ق. م.) وكيف أمنت بهذا على أرضها من أطماعه بل وحصلت منه على بعض أراضي أوسان القريبة من البحر الأحمر مكافأة لها على مسلكها إزاءه. غير أن تلاصق الحدود بين الدولتين الطموحتين سبأ وقتبان كان من شأنه أن يهيئ استمرار فرص التنافس والاحتكاك ثم الاشتعال بينهما. وقد ورد في نصين ذكر حربين بينهما صعب توقيتهما إن كانتا سابقين على أيام الحياد في عهد كرب إيل وترى السبأي أم تاليتين لها. وصعب كذلك ترتيب أسبقية إحداهما على الأخرى. وعن إحدى هاتين الحربين تحدث قائد سبأي يدعى تبع كرب عن حرب بين الدولتين استمرت خمسة أعوام. وكانت قتبان فيما يبدو هي البادئة بها، وانتهت إلى ما يشبه الصلح أو الهدنة، الأمر الذي دعاه إلى أن يخصص أوقافًا كثيرة لمعابد أرباب سبأ الكبار، وذلك مما يعني من ناحية أنه اعتبر الصلح كسبًا ينبغي شكر أربابه عليه، ويعني من ناحية أخرى أن الحرب بين الدولتين لم تنته إلى نتيجة فاصلة وأن أيًا منهما لم تستطع القضاء على الأخرى.
وتحدث قائد قتباني يدعى يذمر ملك عن الحرب الأخرى وروى عن مرحلة منها أنه هزم عدة قبائل وعشائر واستولى على مدنها ونخيلها وأرضها، ثم أعلن تقديمها إلى المعبود عم وإلى أنباي وإلى ملكه يدع أب يجل بن ذمر عالي ملك قتبان. وذلك مما يعني أنه مع فخره بمجهوده في الحرب قد رد الفضل في النصر والحق في تملك الأرض المكتسبة ونتائج النصر إلى معبودي دولته الكبيرين وإلى ملكه الذي كان يعتبر نفسه ولدًا لهما وممثلًا لهما على وجه الأرض. وزاد ذلك القائد عبارة في نصه تحدث فيها عن مرحلة حرب واسعة شنتها سبأ وإمارة رعنان وقبائلها التي ساءها أن تملك القتبانيون جزءًا من أرضها، ضد قتبان. ولكي يضخم القائد القتباني من كثرة الأعداء وضراوة الحرب ألمح إلى أنه تجمع فيها حقد عهود المركبين وعهود الملوك السبأيين ضد ملكه يدع أب يجل بن ذمر عالي ملك قتبان وضد قتبان نفسها وضد أولاد عم جميعًا.
وبعد هذه الحرب التي لا يعرف شيء مؤكد عن نتائجها، والتي يفترض ألبرايت أن الملك القتباني الذى ذكر في سياق نصها وهو يدع أب يجل قد حكم في منتصف القرن الرابع ق. م -شقت قتبان طريقها وظلت تسيطر على أجزاء من المناطق الساحلية التى كانت تشغلها من قبل دولة أوسان والتي عاشت في بعض أجزائها قبائل حمير ذات الصلة والقرابة بالقبائل السبأية. وقد تلونت هذه القبائل الحميرية حينذاك بالولاء القتباني واعتبرت نفسها من ولد المعبود عم معبود القتبانين. وأطلقت على حصنها الرئيسي اسم ريدان، وهو اسم يراه الباحث فون فيسمان قتباني الأصل كان يطلق من قبل على حصن رئيسي للعاصمة.