للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القتبانية تمنع وقام على ملتقى الوديان إلى الجنوب منها. وقد ذكر في نص إنشائه (قبيل بداية القرن الرابع ق. م) أنه في اتجاه حدن، ولا زال حصن حدن (أو حادي) هذا قائمًا أسفل الجبل حيث توجد أطلال ريدان.

على أنه لم يكن من المنتظر أن تسير الأمور في مصلحة قتبان دائمًا. فبعد عام ٢٨٥ق. م استطاعت جيوش الملك السبأي يثع أمر بيين أن تسترد بعض الأراضي التي اكتسبتها قتبان من أسلافه خلال القرن الرابع ق. م، وذكر نصه من المدن التى استردتها جيوشه حينذاك مدن نعمان وصنعاء وذبحان ذو حمرور.

وشهدت قتبان فترة ازدهار أخيرة في عصر أسرة حاكمة ثالثة أو رابعة بلغت شأوها في عهد شهر يجل يهرجب الذي يؤرخ ألبرايت وفون فيسمان عهده ببداية القرن الأول ق. م. وقد تطلعت قتبان في عهده إلى دولة معين الواقعة إلى الشمال منها فاجتزأت جانبًا من أرضها وعقدت معها حلفًا احتفظت لنفسها فيه بالمكانة الأسمى، ولعلها استهدفت من وراء هذا الحلف أن تضيق به على دولة سبأ فتضغط هي عليها من الجنوب وتضغط حليفتها معين عليها من الشمال. ويرجع إلى أيام هذا التحالف نص من عهد ملك معين وقه إيل يثع أرخه كاتبه المعيني باسم ملكه واسم ولي عهده وشريكه في الحكم إيل يفيع يشور الثاني، كما أرخه في الوقت نفسه باسم الملك القتباني شهر يجل يهرجب، وذلك مما يدل على اعترافه الضمني بنفوذ قتبان على بلده. وعندما انفرد ولي العهد المعينى إيل يفع يشور بالحكم بعد أبيه حضر حفل توليته في عاصمته كاهنان قتبانيان نيابة عن ملكهما. ولعل هذه الفترة من الازدهار القتباني هي التي روى عنها الرحالة الروماني بليني أن إنتاج الكندر كان يأخذ طريقه من حضرموت وعاصمتها شبوة إلى حيث تتسلمه قتبان وعاصمتها تمنع على طريق البخور الممتد حتى ساحل الحبر المتوسط، وروى عنها كذلك ما سبق أن استشهدنا به من أن الجبانيتاي (أو القتبانيين) لهم مدن كثيرة أكبرها نجاو وتمنع، وأنها كان في هذه الأخيرة ٦٥ معبدًا مما يشير إلي ثرائها.

ولكن يبدو أن بلوغ القمة قد يعقبه الانحدار أحيانًا، فقبيل عهد شهر يجل يهرجب اهتز أحد الموارد الاقتصادية للدولة بعد نجاح السفن المصرية في عصر البطالمة في اجتياز مضيق باب المندب حوالي عام ١٢٠ أو ١١٧ ق. م للاتجاه إلى الهند والاتجار معها رأسًا دون وساطة عرب السواحل الجنوبية ومنهم القتبانيون. وليس من المستبعد أن هذا الوضع كان من أسباب تحول أطماع قتبان إلى دولة معين لكي تعوض من مكاسب تجارتها البرية ما أوشكت أن تخسره من مكاسب تجارة الساحل.

<<  <   >  >>