للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الباحث رودوكاناكيس من العبارة الأخيرة أن ذا فرعم يمثل أو شهور السنة الزراعية عند القتبانيين ,أن ذا فقحو يمثل آخرها. ولو أنه ما من بأس فيما يبدو أن يكون ذو فرعم أول الحصاد، وذو فقحو آخره، فمواسم الحصاد هي التى يستيطع المزارعون أن يوفوا فيها بالتزاماتهم تجاه الدولة، وليست مواسم الزراعة كلها. وربما دل اللفظان في سبأ على العشرتين الأوليين من الشهر.

وفي عهد الملك شهر هلال أيضا حوالي عام ١٠٠ أو ١٠٦ م دمرت تمنغ عامصة قتبان تدميرًا عنيفًا لازالت آثاره باقية في معالمها القديمة التي اكتسى بعضها بطبقة كثيفة من الرماد دلت على حريق متعمد، لا تعرف حتى الآن حقيقة المتسببين فيه.

وعلى الرغم مما لحق بها، جاهدت قتبان في سبيل البقاء لفترة أربعين عامًا أخرى أو نحوها، فاكتفت بمناطقها الغربية، ونقلت عاصمتها إلى حريب التي أشرنا إلى سك أول عملة ذهبية قتبانية فيها، ووجدت بها بالفعل عملات أخرى ضربت بها، ونقشت على بعضها صورة البومة وتحتها خنجر. وكانت صورة البومة من رموز بعض العملات الإغريقية السكندرية. ويبدو أن قتبان قد اضطرت نتيجة لضعف حيلتها أن تنضم إلى حضرموت في مشاكلها ضد دولة سبأ بعد أن أصبحت هاتان الدولتان هما مركز الثقل في الجنوب العربي فحاربت في صف حضرموت، ثم تهاوت حوالي عام ١٤٠م (أو١٤٦م) بعد أن استهلكت قوتها، وانحسر كيانها السياسي، وهجرت مناطقها الزراعية بعد أن قلت رعاية مشاريع المياه فيها، وغطت الرمال عليها. وآلت أرضها فيما بعد إلى حوزة دولة سبأ وذوريدان منذ أوائل القرن الرابع الميلادي.

ملحوظة:

أسهمنا بعض الشيء في الفصول السابقة فى مناقشة تاريخ دولة سبأ وتاريخ دولة قتبان، من حيث مشكلات النشأة، وتطور الحياة السياسية، ومشاريع العمران وفروع الفنون، وتأثير العوامل الداخلية والخارجية في كيان كل دولة منهما لكي نجعل من هذه المناقشات نموذجًا للتوسع فيما يعالج به تارخ بقية الدول العربية القديمة الأخرى التى سنحاول الاكتفاء بخطوطها الرئيسية فيما يلي، مراعاة للتخفيف مؤقتًا. وندع التفصيل فيها للجزء الثاني من كتابنا في الشرق الأدنى القديم حين يصدر في وقت لاحق قريب بإذن الله.

<<  <   >  >>