للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

التجارية فيه. وتشجيع الوسطاء على التعامل معها. وصرفهم عن الاعتماد على نقل المتاجر بالطرق البرية التي أشرف عليها العرب الشماليون والجنوبيون في شبه الجزيرة.

هـ) تشجيع الجاليات الإغريقية التجارية على استيطان موانئ البحر الأحمر وجزره .. وقد تحدث عنها وعن بعض المواطن التي نزلت بها على الشاطئ العربي الرحالة Agatharchides في منتصف القرن الثاني ق. م. ووصلت بعض هذه الجاليات حتى جزيرة سوقطرى في البحر العربي، وشاركوا العرب والهنود في سكناها. كما شاركوهم في نقل تجارة الهند وسواحل شرق أفريقيا.

وأدت هذه الخطوات المتتابعة إلى نتيجتين مختلفتين على المدى البعيد بالنسبة لدول شبه الجزيرة العربية. فانتفع بها أهل السواحل وازدهرت تجارة موانيهم الجنوبية والجنوبية الغربية. مثل ميناء قنأ في حضر موت. وميناء عدن.

وميناء موزا، في المنطقة التي تقاسمتها كل من قتبان وأوسان وحمير (ثم ورثتها سبأ). بينما تأثرت بعض الشيء اقتصاديات الدول العربية الداخلية التى اعتمدت على استغلال قوافل الطرق البرية ولاسيما الطريق الرئيسي الممتد من جنوب شبه الجزيرة عبر الحجاز حتى العقبة وما ورائها في سيناء أو في جنوب الشام. وإن ظل تأثرها حتى المرحلة التي وقفنا عندها. محدودًا.

وكان من أكثر المستغلين لنتائج هذه التطورات قبائل حمير التي أطلت على سواحل البحر الأحمر الجنوبية الغربية. واستفادت من نشاط التجارة البحرية في موانيها لاسيما عدن وموزا (موشج) وميناء أخرى ذكرها رحالة الإغريق باسم أوكيليس.

ويبدو أن حمير كانت تمثل الفئة الحاكمة لحلف قبلي تداخل مع بعضه بدوافع المصلحة المشتركة ورابطة الدم والموقع. وقد صورتها المصادر العربية تنقسم إلى قبائل صغيرة تعيش حول لحج بناحية ظفار ورداع (أي تجاور أوسان) وتمتد شرقًا في سرو ونجد حمير. قد أسلفنا أن هذه القبائل اعترفت بسيادة دولة قتبان منذ القران الرابع ق. م بحيث أطلقت بعض النصوص على أهلها لقب "ولد عم" مثل القتبانيين، وبحيث أصبح حصنهم الرئيسي يسمى "ريدان" تقليدًا لاسم حصن ريدان القتباني. ولكن الأمور تطورت إلى مصلحة حمير بعد ازدياد النشاط البحري على سواحلها، فأخذت تعمل لصالحها.

ونشأت ظاهرة جديرة بالاعتبار ربط بعض الباحثين بينها وبين نهضة

<<  <   >  >>