وترتبت أهم المشكلات الخارجية على رغبة قادة الإغريق وتجارهم في مشاركة العرب في الانتفاع بتجارة البخور والتوابل عن طريق البحر الأحمر وما يتصل به من تجارة المحيط الهندي أو احتكارها وحرمانهم منها. وأطلت هذه الرغبة برأسها منذ عهد الاسكندر الأكبر المقدوني الذى تطلع بعد أن دانت له دولة بابل حتى الخليج العربي. إلى السيطرة على تجارة تجار العرب واحتكار تجارة الهند. فأرسل في عامه الأخير ثلاثة بعثات بحرية كبيرة تجوب البحار وتتعرف على مواطن العضف ومواطن الاستغلال في السواحل التى تحيط بشبه الجزيرة العربية. وبدأت هذه البعثات الملاحية رحلتها من الخليج العربي, ولكنها لم تتقدم كثيرًا إذ بلغت أكثرها نجاحًا (بقيادة Hieron) رأس الخيمة Maket. وقيل: إن الأسكندر أمر كذلك بخروج بعثة بحرية من مصر عن طريق البحر الأحمر. ولكنها تعثرت هي الأخرى وربما بلغت باب المندب أو لم تبلغه.
وعندما تقاسم قادة الاسكندر المقدوني حكم أقطار الشرق القديم بعد وفاته، وحينما استقر البطالمة في مصر في أواخر القرن الرابع ق. م. كان من سياستهم أن يستغلوا السواحل الطويلة المطلة على البحر الأحمر إلى أقصى الحدود. وأن يحققوا آمال الاسكندر لمصلحتهم بخطوات متئدة عملية لم يكن تأثر عرب الجنوب بنتائجها محسوسًا على درجة واحدة دائمًا. ويمكن إيجاز مراحلها الأولى فيما يلي:
أ) أرسل أحد البطالمة الأوائل ولعله بطلميوس الأول أو الثاني قائدًا من قادة البحر يدعى Ariston في بعثة بحرية استطلاعية ليتعرف على سواحل بلاد العرب وطبيعة الملاحة في بحارها. فطاف بجزء كبير منها. ولما عاد إلى الأسكندرية قدم إلى دولته تقريرًا مفصلًا عما شاهده ولاحظه في رحلته من الموانئ الشمالية والجنوبية.
ب) جددت في عصر البطالمة بعض الموانئ المصرية المطلة على البحر الأحمر وأنشئ بعض آخر. حتى تستعد لاستقبال المزيد من متاجر هذا البحر وتصديرها. (ومنها ميناء أرسينوى في نهاية خليج السويس، وميناء ميوس هرميس قرب ميناء القصير الحالية، وميناء برينيكي إلى الشرق من أسوان).
ج) العمل على تأمين السيطرة على خليج العقبة باعتباره مخرج تجارة البحر الأحمر المتجهة (برًا) إلى جنوب بلاد الشام.
د) زيادة الأساطيل البطلمية المقاتلة في البحر الأحمر لتأمين السفن والمصالح