القديم دون منازع منذ أواخر القرن الأول ق. م ولم يكتف أوجسطوس بالنشاط العادي الذي يقوم به أعوانه من الإغريق والرومان في تجارة الهند والبحر الأحمر. وأراد أن يقصي العرب عن هذه التجارة جملة أو يجعلهم يعملون لصالحه فيها. أو يسيطر على أرضهم بجيوشه.
وكانت الصورة البراقة المسرفة التي أشاعها الرحالة والمؤرخون الإغريق والرومان في عالمهم الغربي عن ثراء بلاد العرب مما شجع على هذه الرغبة فقد كتب الرحالة الجغرافي استرابون ما يقول إن السبأيين والجرهائيين في عصره كانوا من أكثر القبائل ثراء نتيجة لتجارتهم في المواد العطرية، ولهذا توفرت لديهم كميات كبيرة من مصنوعات الذهب والفضة كالأسرة والموائد الصغيرة والأواني والكئوس. فضلًا عن قصورهم الرائعة التي كانت أبوابها وجدرانها وسقوفها مختلفة الألوان. يرصعون بعضها بالعاج والفضة والأحجار الكريمة ... إلخ.
وليس من ضرورة بطبيعة الحال إلى تصديق هذا التصوير بحذافيره، ولكنه كان كافيًا لإثارة أطماع ساسة الرومان الطموحين إلى السيطرة والاستغلال. ولم يعدم أولئك الساسة والتجار تقديم المبررات لأطماعهم، وصور استرابون بعضها فادعى أن أهل العربية السعيدة كانوا يحصلون على أرباح باهظة من تجارتهم مع الأعراب والرومان فلا يتركون لهم ولا للبلاد التي ينقلون تجارتهم إليها مجالًا للكسب أو الثراء.
وهكذا صدر أمر الإمبراطور أوجسطوس إلى نائبه الروماني على مصر آيليوس جاللوس ( Aelrus Gallus) بمهمة إرهاب العرب أو احتلال أرضهم.
فترأس جيشًا كثيفًا وانضم إليه عدد كبير من اليهود ومن الأنباط حلفاء الرومان. وخرج الجيش في عام ٢٤ ق. م على متن أسطول كبير (قيل إنه تألف من ١٣٠ سفينة) من خليج السويس واتجه في البحر الأحمر حتى Leuke Kome ولعلها هي ميناء الحوراء أو أملج الحالية التي استغلها قوم مدين في عصورهم القديمة ثم خضعت لنفوذ الأنباط. وسلكت جيوش جاللوس بعدها سبيل البر خلال ساحل الحجاز وتهامة اليمن وخربت في طريقها مدنًا كبيرة. وعندما وصلت إلى الجنوب بدأتب بتخريب مدن دولة معين القديمة التي أصبحت سبأ مسئولة عنها، وروى استرابون أن ملك نجران فر حين اقتراب قوات الرومان، وفتحت يثل أبوابها ودمر الغزاة مدن نشق ونشان وكمنة ولية وحريب وحاصروا مأرب. ولكن حملتهم باءت في نهاية أمرها بالفشل ولم تتعد مأرب، وفقدت كثيرًا من سفنها ومن رجالها.
وكان قد صحبها رجلان اهتم التاريخ بهما، استرابون الجغرافي الرحالة الذي روى